الأحزاب تتناحر والحركات تتقاتل.. والنقابات تختار قياداتها.. والمعارضة ومعها الحزب الشريك يتمنيان ويسيران وراء السراب... وأعداء السودان بالخارج يتصارعون وينتظرون لحظة الانهيار، ورجل الشارع يترقب وفي جعبته قناعات التنمية والتقدم إلى الأمام والعجلة تدور ويعض على الإنجازات بالنواجز ويصبر وعينيه تنظران إلى المستقبل الواحد.. وهنالك حزب المؤتمر الوطني يكابد ويقاتل ويتلقى الطعنات والسهام من كل جانب.. لكنه يظل الأقوى والأصلح بالمقارنة بطالبي السلطة والساعين للوصول إليها وهم غير مؤهلين لها. هنالك الشريك المشاكس حزب الحركة الشعبية الذي تمرد طويلاً وأخيراً طلت ليلة القدر بنيفاشا وغيّرت أحواله لكن سرعان ما نسي توقيعه على الاتّفاق وخرج من دائرة الوفاق والتنسيق مع المؤتمر الوطني وأصبح شريكاً متعباً يدفع عربة التغيير إلى الوراء وينهك قوة المؤتمر الوطني.. الذي يجر عربة التنمية للأمام بغية الاستقرار ونشر السلام وغرس التنمية وتغيير الحال.. الحركة الشعبية عودتنا دائماً على تعاطي المسائل السياسية التي تخص الحكم بمزاجية تحكمها العنصرية الجنوبية للرموز بعيداً عن القاعدة الجماهيرية.. وتتغافل في نفس الوقت التحرك بمسؤولية كاملة لإطفاء لهيب التناحر القبلي والاشتباكات.. ويتعالى صوتها وتتحمس لقضية دارفور وتنسى أنما بالجنوب في ولاياته المختلفة لهو أخطر من مشكلة دارفور.. فأين المسؤولون في حكومة الجنوب من هجمات جيش الرب في الجزء الجنوبي من الاستوائية وأين هؤلاء أيضاً من القتال الذي يندلع بين الحين والآخر في ولاية أعالي النيل اشتباكات قبيلة المورليه مع قبيلة الدينكا.. أو إغارات قبيلة الدينكا مع رصيفتها النوير.. أو اشتباكات بين النوير والشلك في شمال الولاية.. ومع كل هذه الخطوط المتشابكة يتّجه بعض رموز السياسة الجنوبية إلى الدعوة للانفصال وتكوين دولة. أمريكا صاحبة أكبر مخزون معلوماتي في العالم عن القارات السبع حتى القطبين الشمالي والجنوبي تريد أن تعرف المزيد والمزيد من المعلومات والاتجاهات لذا نقول للذين يقتربون من أبواب العم سام ليس معنى ذلك أنهم أصحاب حظوة ولهم كلمة عندها ومخطئون إن هم ظنوا أن أمريكا وبكل مؤسساتها الأمنية يمكن أن تحقق أهدافهم ومراميهم.. بل الحقيقة أنهم في نظر أمريكا الدولة العظمى.. حاملي معلومات ومحللين لاتجاهات الرأي العام في بلدانهم.. حقيقة يجب أن يدركها كل من يقترب من الطاحونة الأمريكية. الحركة الشعبية تحتاج إلى عقد مؤتمر جامع لتوحيد الرؤى مع كل رموز القبائل بكل الولايات الجنوبية لإقرار التماسك وتوحيد الجبهة الداخلية.. مؤتمر يبحث القضايا الجنوبية ويحدد معالم سياسة الحكومة الجنوبية إلى أين تسير وكيفية إحداث التنمية والاستفادة من الكوادر والمؤهلين من الجنوبيين لبناء الجنوب وتنميته بعيداً عن التصريحات.. التي تقدح في الوطني وقسمة السلطة والثروة.. وبنود نيفاشا.. مع أن الاتفاقية بنودها واضحة وليعترف الجميع أن نصيب الجنوب من الثروة التي تدخل فيها ميزانية الجنوب سلّمت للجنوب دون أي نقصان ولذا لماذا التباكي الآن.. والبحث عن جهة التقصير. عموماً نقول إن أمريكا تيقنت الآن أن السودان بنظامه الحالي وسياسته النابعة من قناعاته وأن الحزب الوطني الذي ينفذ سياسة الدولة.. هو الحزب الأقوى والأصلح وأن النظام الحاكم في السودان تدعمه أمريكا وتريد له الاستمرارية وإن كان هذا الدعم والرعاية بعيدان عن أعين الغرباء؟! فأمريكا لها مصالحها في السودان الغني بالموارد والثروات وتضع نصب أعينها أن ثروات السودان النفطية والمائية والمعادن وخاصة معدن اليورانيوم الكامن الذي لم يكشف عن كمياته الحقيقية بعد هو مخزون إستراتيجي مستقبلي يدخل ضمن إحدى المواقع في أفريقيا دائرة نفوذ أمريكية. أمريكا لها رأيها في الأنظمة الشمولية وشبه العسكرية ولكنها تنظر إلى نظام الحكم بعد دراسة وتمحيص، إن أحزاب المعارضة التي تنادي بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي أحزاب لا ترتقي لأن تحكم السودان لضعفها وفقدانها الكوادر السياسية المؤهلة لتسيير دفة الحكم في بلد كالسودان تحيطه المهددات من كل جهة.. وبناءً على هذه النظرة يظل الموقف الأمريكي ثابتاً على أن دعاة الانفصال من الساسة الجنوبيين تكلفتهم السياسية والأمنية باهظة وأن مكاسب اتّفاق نيفاشا الذي رعته أمريكا حتى حققته.. أعظم مكسب يناله الجنوب وضرورة الحفاظ عليه وأن أي اتجاه لخرق الاتفاقية.. سيدفع الجنوب ثمنه باهظاً وأن الدولة التي يحكم بها تصبح بمثابة (أحلام ظلوط) لذا فمن الأفيد للجنوب أن يتأبط ذراع الشمال في وحدة تحت مظلة السودان الكل الموحد.