ü عموماً نقول فيما يختص بافتراءات أوكامبو والمحكمة الجنائية إن الأمر لا يعنيه بالرغم من الضغوط التي تمارسها أمريكا والدول الأخرى، فقد أعلن السودان موقفه القاطع من ادعاءات المحكمة الجنائية ومدعيها العام بعدم الاعتراف بها، ورفض الانصياع لقراراتها.. والسودان على يقين أن تهديدات أوكامبو سوف لا تنقطع بفضل رغبة الدول الطامعة في ثروات السودان وموارده. ü وعليه كل ما سرد سابقاً وما يدور الآن في فلك السياسة السودانية، و الصراع القائم بين حزب المؤتمر الوطني والمعارضة الشمالية صراع مبدئي.. ومن جانب آخر إن الصراع الذي يدور بين شريكي نيفاشا حول سقف المطالبات العالية التي تطالب بها الحركة الشعبية بين حين وآخر، وسوء التفاهم بين شريكي نيفاشا، الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني.. في هذا الخضم يحاول حزب المؤتمر الوطني أن يواجه كل هذه المشاكل بكل صلابة وذكاء سياسي.. والحقيقة تقول إن حزب المؤتمر الوطني أثبت من خلال التجربة أنه من أذكى الأحزاب السودانية وبأنه الحزب السياسي الأقوى، إذ أن الحزب يضم كوادر مؤهلة ومتعلمة تتعامل مع القضايا باحترافية ومهنية سياسية عالية، متبعة أسلوب الحوار والتفاوض وتمحيص القضايا واستخدام المنهجية العلمية في اتخاذ القرار. ü لذا ستظل الحكومة المركزية تتمتع بالثبات في مواقفها لأنها تؤمن إيماناً قاطعاً بأن السياسة ليس لها معايير ثابتة لا جامدة، ولكن كل أدبيات السياسة خاضعة لتقلبات المناخ السياسي والأحداث المفاجئة.. وهذا ما نشاهده الآن على المسرح السياسي المتقلب يومياً بفعل تدخلات داخلية وخارجية، كل هذه التقلبات تستهدف الحكومة وحزب المؤتمر الوطني، وآخر هذه المفاجآت السياسية التي صدرت من المعارضة الشمالية بالهجوم الذي شنته على حليفها «الحركة الشعبية»، بعد أن اكتشفت المعارضة أن الحركة تتمتع بذكاء سياسي يفوق ذكائها، وبعد أن أوهمت الجميع بأن العلاقة ستظل مستمرة بين الحليفين وأن المعارضة الشمالية ستحقق حلمها- إسقاط النظام وإضعاف حزب المؤتمر الوطني. ü لكن هنالك عدد من التساؤلات يجب على حزب المؤتمر الوطني الإجابة عليها.. لضمان الاستقرار السياسي والأمني ودرءاً للانفصال وتفادي تكرار التجربة في مناطق أخرى كدارفور والشرق والنيل الأزرق: - إذا ما حدث الانفصال، ما هي الترتيبات اللازمة المطلوبة لضمان احترام الجوار والتعايش السلمي بين الشمال والجنوب؟ - ماذا عن التوترات الأمنية في مناطق التماس والضوابط والإجراءات اللازمة؟ - بعد الانفصال هل تظل الحدود بين الشمال والجنوب تحت الأنظار؟ ماذا عن مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية التي في مراحل التنفيذ وتحت إشراف تام من الحكومة المركزية؟ - ماذا عن إجراءات قطع الطريق أمام التدخلات بتبني سياسات حكيمة حتى لا تتكرر مشاهد التشرذم والتمزيق في مناطق أخرى ؟- ما هي سياسة حزب المؤتمر الوطني في مسألة تدخل المنظمات الإنسانية العالمية بالسودان بحجة تقديم الإغاثات والمساعدات الإنسانية للمناطق المتأثرة بالقتال، كالحال في دارفور؟ ü وأخيراً الحكومة المتمثلة في حزب المؤتمر الوطني سلطتها قوية ومسيطرة على كافة مفاصل الدولة في الولايات والعاصمة القومية بالأخص، فرجالات الحكومة وأصحاب القرار بكل الولايات ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني، ولذا فإن أي محاولة لتقويض السلطة أو إسقاط النظام لا يأتي إلا بتكلفة عالية جداً وستكون ضحيتها أرواح وإراقة دماء.. والمعارضة الشمالية الحالية لا تقوى على منازلة حزب المؤتمر الوطني، فهي تفتقد الإمكانات اللازمة والكادر المؤهل للتصدي لرجالات الحكومة، ولا تمتلك المعارضة أيضاً أي برنامج سياسي مقنع لجماهير الشعب السوداني، وقد وضح هذا جلياً في عملية الانتخابات التي جرت في البلاد أبريل الماضي. ü الآن، ولم يتبق على موعد الاستفتاء إلا بضعة أيام، ويتوجه كل الجنوبيين إلى صناديق الاقتراع، فإن الجميع يكتم أنفاسه حتى تظهر النتيجة، فالوحدة والانفصال سيان طالما أن الجنوبيين أبدوا رغبتهم في اختيار ما يرضي طموحاتهم ويحقق أحلامهم، مع حقيقة ثابتة أن الشمال حكومة وشعباً سوف يحترم رغبة إخوتهم في الجنوب في كلا الحالتين.