وصلتُ إلى نتيجة ليست في صالح حكومتنا عند التعامل مع قضايا النشر والتعامل مع الصحافة والصحفيين، وهي أن حكومتنا السنية مغرمة بالوقوع في الأخطاء والمآزق وسوء التقدير دائماً في قضايا حساسة كان يمكن التعامل معها بأقل قدر من الحكمة لتحقق أعلى قدر من المصداقية..! وصلني أمر تكليف بالمثول أمام نيابة أمن الدولة يوم أمس الأول الاثنين، وحسب الأمر فإنني مكلف بالمثول أمام وكيل النيابة عند الثالثة ظهراً، والساعة فعلياً كانت قد تجاوزت الثالثة والثلث، ومثلما يحدث دائماً فإنه لا تصريح ولا توضيح ولا تلميح عن سبب الاستدعاء.. وتداعت صور قديمة إلى ذهني حول استدعاءات نيابة أمن الدولة وما يعقبها من حبس أو اعتقال في قضايا نعلم أن التحري فيها ممكن طالما «المتهم» شخصية عامة واضح المهنة ومعروف العنوان. وصلت بعد الثالثة والنصف إلى مباني النيابة الغربية من مجمع نادي الأسرة، وهو مقر لم أتشرّف بالمثول أمام القائمين بأمره سوى يوم الاثنين، رغم معرفتي التامة بأكثر العاملين داخل مقر نيابة أمن الدولة، وتربط بيني وبين بعضهم صداقات.. (!).. أعرف أن العمل عمل.. ووجدت أمامي الأستاذ النور أحمد النور، رئيس تحرير صحيفة «الصحافة»، ثم لحق بنا الأستاذ عادل الباز رئيس تحرير صحيفة «الأحداث» ومن بعده الأستاذ ضياء الدين بلال مدير تحرير صحيفة «الرأي العام» وتم توجيهي لأن أوقع على أحد الدفاتر وتم أخذ المعلومات المعتادة مثل الاسم والسن والعمل والعنوان والسكن إلى آخر ما يتطلبه المحقق من معلومات وقمت بالتوقيع على (دفتر القبض) مثلي مثل من سبقوني ومثل من لحقوا بنا، فقد علمنا أن الاتّهام طال سبعة من رؤساء التحرير.. والموضوع هو أن صحف المتهمين قامت بنشر أخبار عن ما يسمى بالنفايات الإلكترونية، وتم أخذ أقوال الجميع كل على حده لكن يبقى في القلب ما يجعلنا نتوصل إلى النتيجة التي بدأنا بها هذه الزاوية، وهي أن الحكومة مغرمة بالوقوع في الأخطاء والمآزق وسوء التقدير الذي تخسر في مقابله كل شيء ولا تكسب شيئاً. والقضية التي أُقحمت فيها الصحف وهي قضية ما يسمى بالنفايات الإلكترونية حظرت نيابة الصحافة والمطبوعات الكتابة عنها، ونحن لنا رأي حول هذا الحظر لأن المنع لابد أن يكون من المحكمة.. ثم.. الصحف لم (تختلق) الأحداث ولم (يؤلف) رؤساء التحرير الوقائع، بل نقلوا ما نشروه من داخل البرلمان.. وإذا استطاع أي شخص أن (يخدع) الحكومة ويدعي أنه خبير عالمي ويزعم أنه عالم فيزيائي واستطاع دخول مؤسسات الدولة يوزع فيها وينشر تلك الإدعاءات والمزاعم فما ذنب الصحف..؟ تلفتت الحكومة ولم تجد (حيطة قصيرة) لتفش فيها غبنها سوى الصحافة وتعاقبها بالاتّهام و (الجرجرة) لا لسبب سوى أن الحكومة لم تكتشف أنها خُدعت خدعة بائنة فأضحت مثل الرجل الذي قام بنشله مجهول، وعند لحظة اكتشافه أنه نُشل التفت فصفع أقرب شخص إليه على وجهه.. على كل نحن لن نقبل ذلك، وعلى الحكومة وكل أجهزتها أن تتحمل أخطاءها.. ونتائج غفلتها.. وألاّ تجعل من غيرها ضحية.