تفاقمت مشاكل العمالة الأجنبية بالبلاد مؤخراً وأصبحت هاجساً يؤرق السلطات، وأصبح دخول الأجانب في الآونة الأخيرة في ازدياد مضطرد عبر منافذ رسمية، وفئة أخرى تتسلل عبر الحدود وشكلت أخيراً الأعداد الوافدة- وخاصة عبر المنافذ الحدودية والدول المجاورة- التي تأتي دون ضوابط أو لوائح منظمة لدخولها مردوداً سلبياً على النواحي الأمنية.. الأمر الذي يجعل السلطات المختصة تهتم بهذه الظاهرة المخيفة، ومما يعقد الأمور غياب سجلات أو مستندات صحيحة عن الأعداد الحقيقية التي تفد الى البلاد، والأدهى والأمر أن هذا النوع من العمالة هو عمالة متدنية القدرات، وتدخل البلاد دون الحاجة اليها، وبالتالي تؤثر في سوق العمل الوطني وتزيد من حجم البطالة التي تعمل الدولة على تقليص حجمها. العمالة الهامشية التي تفد للبلاد دون الحاجة اليها تتسبب في الكثير من الأضرار التي تصيب مؤسسات الدولة، هذا غير الأضرار الاجتماعية والسياسية والأمنية التي بدأت مؤخراً تظهر في البنية الأساسية للمجتمع، وأخطرها جرائم السرقة، والتزوير، والقتل، والاغتصاب، والزواج من أجل الحصول على إقامة دائمة وغيرها من الأضرار الأخرى. هناك أيضاً عمالة وافدة أكثر خطورة، وهي العمالة المنزلية تفرض نفسها على بعض الأسر والعائلات التي تضطر ظروفها لتأجير هذا النوع من العمالة، خاصة التي تأتينا من بعض بلدان شرق آسيا، واستئجار مثل هذا النوع له مخاطره التي تضر بالأسر والعائلات، فهي أحياناً تسبب الكثير من المتاعب للأسر، وتغير من أخلاقيات وسلوك أفراد الأسرة، وتؤثر تأثيراً بالغاً على مفردات اللغة والثقافة، لكونها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع الصغار والأطفال بحكم وجودها طوال اليوم في المنزل، هذا غير ظاهرة الهروب والعمل مع كفيل آخر غير الذي استقدامها لأول مرة، حيث يقوم الكفيل الأول بتكبد مشاق البلاغات لدى السلطات المختصة، بل أصبحت مهنة تدر أموالاً لسماسرة هذا النوع من العمالة، هؤلاء السماسرة يعملون خارج نطاق المكاتب المصرح لها في مجال استقدام العمالة الأجنبية.. وأما الجانب الخطير لهذا النوع هو نقل الأمراض الى الأسرة وأفرادها وخاصة الأمراض المعدية، بجانب أن هناك حالات تمتهن سلوكاً لا يتماشى مع العادات والتقاليد السودانية، ومن واقع التجربة والتعاطي مع العمالة المنزلية في السنوات الماضية أفرزت هذه العمالة الكثير من الحوادث والمشاكل، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في كيفية استجلابها مع وضع ضوابط صارمة، أما إذا رأت السلطات المختصة تلبية احتياجات الأسر التي تضطر ظروفها لاستخدام هذه العمالة، لا بد من توضيح المبررات الكافية للحصول على هذا النوع من العمل، عموماً نقول هناك جهود مكثفة تبذل في اطار تقنين مسار العمالة الأجنبية، ورسم سياسات جديدة لحفظ التوازن في سوق العمل الوطني والتركيز بشكل مباشر على التعليم التقني والفني، والاهتمام بالتدريب العملي واعطاء الأولوية للعامل الوطني لتحجيم حالة البطالة التي باتت تتصاعد بصورة مستمرة في السنوات الأخيرة، وفي إطار الجهود المبذولة من وزارة العمل، تعكف إدارتها المختصة على وضع القوانين والضوابط الصارمة لتضييق وجود العمالة الأجنبية بالبلاد، وحصر العمالة التي وفدت لقطاعات بعينها مثل (قطاع البترول-السياحة - تكنلوجيا المعلومات ومشروعات البنية التحتية-وإنشاء الطرق وإقامة الكباري والمشروعات الاستثمارية الكبرى ليتم تصنيفها حسب المهن والدول الموردة لها، بغية رسم استراتيجية مستقبلية لتحديد الاحتياج الفعلي لنوعية العمالة المطلوبة، بشرط ألاّ تؤثر على سوق العمل الوطني..