كما أسلفنا في مقالات سابقة فإن موضوع العمالة ذات القدرات المتدنية المتواجدة بالبلاد بصورتها الراهنة أصبحت تشكل هاجساً للسلطات الأمنية وتعدت ذلك وتبلورت حتى صارت ظاهرة تهدد البنية الاجتماعية والاقتصادية. لذلك فإن الجهات ذات الصلة ركّزت وبصورة مكثفة لإعداد خطة وسياسة لتحجيم الظاهرة بعد تحديد ملامحها وأبعادها الأمنية والسياسية والاقتصادية.. وحقيقة أن العمالة الأجنبية ذات القدرات المتدنية.. أو بالأصح الهامشية امتلأت بها أركان ولاية الخرطوم حتى الباعة المتجولين من العمالة الوطنية تضرروا كثيراً بسببها لتواجدها بشوارع العاصمة تمارس نشاطاً هامشياً يلفت أنظار السلطات الأمنية والشرطية حتى أدت الى نشوب سوء تفاهم بين الأجنبي والسوداني. وأحسب أن السلطات المختصة تعكف على إصدار موجهات وإجراءات حاسمة لكيفية التعامل مع ظاهرة العمالة الأجنبية الزائدة الموجودة بالبلاد والتي وفدت من الدول المصدرة للعمالة لذا فإن السلطات تضع الآن الشروط والضوابط بحيث لا تؤثر العمالة الوافدة على سوق العمل الوطني مستقبلاً ولكي نصل الى سياسات وقرارات سليمة لوضع مسار صحيح لحركة العمالة الأجنبية والتخطيط حسب احتياجات البلاد من العمالة الوافدة لا بد من إعداد دراسة مستفيضة طبقاً لمحاور معينة يمكن حصرها في الآتي: أولاً: تكوين آلية من ذوي الخبرة والاختصاص بالتنسيق مع الجهات الرسمية المختصة لحصر العمالة الأجنبية التي دخلت البلاد خلال العشر سنوات الأخيرة في كل الجهات التي تعمل بها.. المشاريع القومية والاستثمارية والشركات الكبرى الوطنية والمواقع الحكومية. ثانياً: تصنيف العمالة الموجودة وحصرها للتعرف على جنسيتها وتحديد البلدان التي أتت منها وتصنيفها من حيث المهن والتخصصات وأعمار هذه العمالة لمقارنة ما توصلت إليه هذه الإحصاءات مع ما هو موجود في سوق العمل الوطني لتحديد الاحتياجات الفعلية لسنوات قادمة بهدف الاعتماد مستقبلاً على الكوادر والكفاءات الوطنية. ثالثاً: مسألة التدريب ومدى استفادة العمالة السودانية من خبرات العمالة الأجنبية في الجهات التي اندمجت بها العمالة الأجنبية مع العمالة الوطنية وتحديد المجالات وقياس الفترة والزمن المستغرق لذلك. رابعاًً: إبراز القدرات والمهارات والفنيات التي اكتسبتها العمالة الوطنية نتيجة احتكاكها بالعمالة الأجنبية.. في التخصصات النادرة ومجالات التكنولوجيا ووسائل الاتصال. خامساً: تبصير كافة المؤسسات في القطاع العام والخاص ومشروعات التنمية والمشاريع الاستثمارية بضرورة استجلاب عمالة حسب المتطلبات والاحتياجات مع التركيز على العمالة الفنية والتقنية وذات التخصصات النادرة بهدف الاستفادة منها في تدريب الكوادر المحلية. عموماً.. نقول إن العمالة الأجنبية مطلوبة لكن وفقاً لمواصفات خاصة وحسب الاحتياجات الفعلية لمؤسسات الدولة والمشروعات ويمكن أن تكون من أجناس وبلدان مختلفة ولا غبار على ذلك، لكن أيضاً نقول إن استجلاب عمالة أجنبية متوفرة في السوق الوطني يؤثر تأثيراً مباشراً على العمالة المحلية ويزيد من حجم البطالة ويبدد مجهودات الدولة في سعيها وخططها لمحاربة البطالة وبقدر الإمكان التقليل من أعداد الذين بلا عمل.. ويحملون مؤهلات يمكن الاستفادة منها لكن في ظل استجلاب عمالة من الخارج ستظل مشكلة العطالة متفاقمة.