ما زال الحديث عن الانتخابات والحملة الانتخابية مسيطراً على كل القطاعات من سياسية واجتماعية الى حديث المجتمع برمته، ولكن هذه المرة أود أن اتحدث عن الديمقراطية لأنها ممارسة حضارية بكل ما في الكلمة من معنى، ولها علاقة بالسلطة وتنظيم الحياة الاجتماعية سواءً على صعيد المجتمع أو داخل الأسرة.. الديمقراطية تتطلب وجود درجة عالية من الشرعية السياسية؛ لأن العملية الانتخابية تقسم السكان الى (خاسر) و(رابح)، لذا فإن الديمقراطية الناجحة تضمن قبول الحزب الخاسر ومؤيديه بحكم الناخبين وسماحهم بالانتقال السلمي للسلطة، قد يختلف المتنافسون السياسيون، ولكن لابد أن يعترف كل طرف للآخر بدوره الشرعي (سلطة ومعارضة)، ومن الناحية المثالية يشجع المجتمع على التسامح في إدارة النقاش بين المواطنين، وهذا شكل من أشكال الشرعية السياسية. الإسلام هو أصل الديمقراطية العادلة والتي ترتكز على مبدأ الشورى كما في قوله تعالى: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) صدق الله العظيم.. ديمقراطية الإسلام نجدها في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم عمر بن عبد العزيز، الذين كانوا مثالاً للديمقراطية والعدالة حتى أمن الراعي على غنمه، والكل نام قرير العين، فمن يحقق الفوز عليه تطبيق الديمقراطية في حرية الرأي، والكلمة، وتطبيق الديمقراطية المتزنة، وليست التي نجد مفهومها عند البعض انحلالاً في المجتمع والتحرر (الزيادة عن اللزوم). إن الديمقراطية التي تُطبق في الدول الغربية أو التي ينادي بها الغرب أُخذت من الدين الإسلامي، ولكن نقول إنهم حرفوها وجعلوها ديمقراطية على هواهم وعاداتهم البائدة، لأن ديمقراطية الإسلام أرفع بكثير من تلك، ونقول إن الانتخابات الحرة لوحدها ليست كافية لكي يصبح بلد ما ديمقراطياً، فثقافة المؤسسات السياسية والخدمات المدنية يجب أن تتغير، وهي نقلة ثقافية يصعب تحقيقها، خاصة في دول اعتادت تاريخياً أن يكون انتقال السلطة فيها عبر القوة، ونحن في الآخر أملنا المنشود في الإمام العادل الذي يتقي فينا الله و(ربنا يولي من يصلح).