أحيانا الظروف هي التي تقول «كلمتها»، وتحسم جدلا استعصى على الحل، فالريح الصرصر لمذكرة أوكامبو ردها السودانيون بهبة أشبة بانتفاضة شعبية جعلت من الرئيس البشير رمزا وطنيا مرادفا لعلم السودان. إن كان البشير قد دخل المعترك السياسي عبر بوابة الإنقاذ كما دخل الزعيم الأزهري عبر بوابة حزب الأشقاء إلا أنهما تجاوزا بوابتيهما ليدخلا مباشرة رديفين للعلم، فالأزهري نال قوميته بالاستقلال والبشير ظفر بها ب«نيفاشا». والحادب على تماسك لحمة الوطن خاصة بعد علو أصوات تنادي بالعودة إلى زمن الفوضى والمظاهرات غاضة الطرف عن توافق عقلاء السياسة على التأسيس لنمط حكم راشد، لا يجد بدا من ضرورة اجتماع أطياف المجتمع السوداني ثقافية كانت أم عرقية أو سياسية على قاسم مشترك لا يمكن لأي من وحدات هذا الهجين المجتمعي القفز عليه، ويكون مرادفا للعلم الذي أعلنوا جميعا أنهم يدينون له بالولاء. ولو تأملنا وقلبنا النظر يمنة ويسرى لقال الظرف كلمته ولأشار إلى البشير كشخصية قومية يمكنها بعد الترفع عن الانتماء لهذا الحزب أو ذاك لعب هذا الدور الوطني الذي بات يشكل ضامنا مفقودا لسير الانتخابات، وذلك للهبة الوطنية غير المسبوقة التي حظي بها البشير قبيل وبعيد صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية. فالبشير بعد الإجماع الوطني إلا من رأي نشاز هنا وهناك لا يرقى لغير اعتباره شاذا يؤخذ ولا يقاس عليه، أصبح يتمتع بنتيجة استفتاء تؤهله لحماية العلم والذود عنه وتجعل منه رمزا وطنيا لا حاجة له في الانتماء الضيق لحزب هنا أو هناك. وعلى الرغم من جرأة الطرح الذي يبرأ من أي غاية أو مقصد دون الوطن، إلا أنه يظل مقترحا ربما يمثل مخرجا من أزمة أوشكت على الانفجار واضعة استقرار السودان بين فكي «الدستورية» و «الفوضوية». واستنساخ التجارب والتقليد بين البشر سمة لا يختلف عليها اثنان، ولعله منحى صحي إن استنسخنا تجربة مجتمع آخرعقب دراسة أفضت إلى أن التجربة التي نجحت هناك يمكنها أن تنجح هنا.. والسؤال: لماذا يظل الساسة في السوان منذ نصف قرن يلوكون «الديمقراطية»، مطالبين بديمقراطية على غرار التجارب الأمريكية وربما الإسرائيلية دون أن يفكروا أو يطرحوا التساؤل ... ماذا عن الديمقراطية في بريطانيا؟ إن تمت إجازة الاقتراح يمكن أن يتنافس مرشحو رئاسة الجمهورية على مقعد النائب الثاني لرئيس الجمهورية وإن اقتضى ذلك تعديل نيفاشا على غرار الأربعين مقعدا الإضافية لجنوب السودان في المجلس الوطني.