لقد قرأت ما كتبته في عمودك (لكن المفروض) في صحيفة (آخر لحظة) عدد الخميس 4/3/2010م تحت عنوان (أحمد بدير.. داير شنو..) ولقد أدهشني جداً الحماس الشديد الذي دفعك للكتابة عن ذلك الممثل المصري (أحمد بدير) بتلك الصورة المبالغ فيها، والتي جعلتني أحمد الله رب العالمين إذ لم يضعك في مكانه حتى(لا تحلف طلاق بالتلاتة أنك ما تسلم على أي سوداني.. أو تجيب اسم السودان على لسانك... لأنه إتنصب عليك قبل كده، ومالقيتش حد يقيف معاك؟!) ياراجل!! حرام عليك.. لقد جعلت من ذلك الممثل المسكين فرعوناً بحق وحقيق.. ثم افتريت عليه حين ادّعيت أنه ما قبل تلك الشراكة الفنية مع فرقة تيراب المسرحية (إلا بدافع من حبه العميق والمعروف للسودان.. وحرصه الأكيد للتعاون والتمازج والتكامل مع الفرق المسرحية السودانية والالتحام مع الشعب السوداني، وجمهور المسرح خاصة).. ياراجل!!! حرام عليك... من أين لك بكل هذه المعلومات، وماهي شواهدك وأدلتك عليها؟! إن الدافع الوحيد الذي جعل هذا الممثل المسكين يقبل تلك الشراكة -في تقديري الشخصي- هو حرصه وتكالبه على تحقيق مكاسب مادية في السودان بأسهل الطرق.. لأنه، على الرغم من أنه كان يدرك تماماً أن شراكته مع فرقة تيراب المسرحية شراكة(غير متكافئة) وأن الطرف الآخر فيها لا يملك غير (النوايا الخالصة) على حد قولك (وأنه يفتقر إلى الدربة والخبرة والمال).. إلا أنه كان واثقاً -أي أحمد بدير- من أنه سوف ينال حقوقه كاملة وبزيادة.. حين يعجز الشريك عن الوفاء بذلك.. وأنه سيجد بين هذا الشعب السوداني (الطيب) )من سيدق صدره) ويسدد له كل حقوقه كاملة وعلى داير المليم وبزيادة.. تماماً كما حدث له في المرة السابقة حين عجزت الجهة التي كانت قد تعاقدت معه عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاهه.. لأنها كانت أيضاً تفتقر إلى الدربة والخبرة والمال... بل أكثر من ذلك (حتى مجرد النوايا الخالصة) إذ لم يكن لها أية علاقة أو صلة بمجال الفن، والثقافة، ودنيا المسرح... فهل عندما يقوم هذا الممثل المسكين بتكرار نفس السيناريو، وبحذافيره، يكون(اتنصب عليه) ؟!!.. وأنا واثق تماماً من أنك تعرف من الذي (دق صدره) ووقف معه في المرة السابقة. وأخشى أن تكون فرقة تيراب المسرحية هي الخاسر الوحيد في هذه المعركة، وربما تكون هي أيضاً قد اتنصب عليها!! لقد انطلت عليك المسرحية يا أخي الكريم.. بل أقول انطلت عليك المسرحيتان: تلك الثانوية اليائسة، المعروضة على خشبة المسرح، وتلك الرئيسية البائسة، التي جعلتك تتبرع بالترويج لها، وتستنجد بالدنيا والعالمين، ليحفظوا ماء وجه السودان، الذي على وشك أن يريقه أحمد بدير، وتستغيث بوزير الثقافة والشباب والرياضة، وإعلام المؤتمر الوطني، وسوداني ومفوضية الانتخابات، ولا أدري ما الذي أدخل مفوضية الانتخابات في هذا الموضوع!؟ يا أخي الكريم.. ليس أحمد بدير هو أول ممثل مصري يتعاقد مع جهة سودانية على تقديم عمل مشترك.. فلقد تعاقدنا قبله مع النجمة فائزة كمال عام 1983م، وقامت ببطولة مسرحية (جواهر) إلى جانب الفنان عبد العزيز المبارك... ولم يسمع أحد بأنها قالت: اتنصب عليها في السودان.. بل إن تجربتها في السودان جعلت صورتها تنشر في الغلاف الأمامي لمجلة (الكواكب) وجعلت منها موضوعاً رئيسياً لتلك المجلة.. وقد ظل نجوم المسرح المصري المحترمون يترددون على زيارة السودان للوقوف على خشبة المسرح القومي وغيره منذ عام 1960م وإلى عهد غير بعيد، عاماً تلو عام، فجاء إلينا يوسف بك وهبي، وفريد شوقي، وأمين الهنيدي، وعادل إمام، وصلاح السعدني، وأحمد زكي، سعيد صالح، ويونس شلبي، وسميحة أيوب، وسهير البابلي، وليلى طاهر، وتحية كريوكا، وعبد المنعم إبراهيم، وعبد المنعم مدبولي، وحسن البارودي، ونظيم شعراوي، ومحمد عوض، وشفيق نور الدين، ومن نجوم الغناء عبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، وسيدة الغناء العربي أم كلثوم، وغيرهم كثيرون زاروا السودان، وتم الترحيب بهم بما يستحقونه، ويليق بمقاماتهم الرفيعة من احترام وتقدير.. فلماذا أحمد بدير هو الوحيد من دون هؤلاء جميعاً الذي يكون عرضة للنصب والاحتيال عليه في السودان، بدل المرة مرتين كمان؟!! هو وأعضاء الفرقة عالية المستوى الذين اصطحبهم معه، والذين لم أسمع أنا شخصياً بواحد منهم من قبل. ولنفرض إنه قد اتنصب عليه فعلاً، إيه يعني؟ ما أهو نحن ياما اتنصب علينا في مصر، فمن الذي أقام الدنيا ولم يقعدها عندهم؟! يا أخي محجوب، كنت أرجو، وكان المفروض، أن توجه بعض هذا الحماس، الذي لقيه منك أحمد بدير، إلى المسرح السوداني، والدراما السودانية، لتلفت النظر والانتباه إلى ما آلت إليه حالها.. وأنت في هذا الموقع المهم، والذي نعلم المدى الذي يمكن أن يبلغه منه صوتك، ونعلم طبيعة الأذن المستعدة لاستقبال مجرد همسك.. ويكفي أن تعلم أن تكلفة هذه العروض الخمسة لمسرحية (داير شنو)، والتي لن يشاهدها أكثر من سته آلاف من أفراد الشعب السوداني، وهذا في حالة امتلاء المسرح بالمتفرجين عن آخره كل ليلة، تكفي لإقامة موسم مسرحي كامل للفرقة القومية للتمثيل يستمر لأكثر من سته أشهر من العروض المتواصلة، ويشترك فيه ما لا يقل عن ثلاثين عنصراً من أعضاء تلك الفرقة. فالمفروض يا أخي -وأنت يهمك أمر المسرح- أن ترفع عقيرتك بالصياح من أجل إطلاق سراح ميزانية المسرح القومي السوداني من الأسر، الذي هي فيه الآن، لأن تأمين الحراك المسرحي المحلي، وفي حده الأدنى، بواسطة الفرقة القومية للتمثيل، هو الذي يجعل وجود كلية متخصصة للدراما منطقيا ومبرراً.. أجل .. هذا هو المفروض .. ولكن لك مني التحية وكل الحب والتقدير أخوك مكي سنادة المسرحي سابقاً