مئذنة السودان التي ترفع نداء الوحدة (72) ساعة تلقينا فيها دروس المشاعر القومية والهوى السوداني الجزيرة الخضراء وحاضرتها مدينة ود مدني كانت محطة هامة توقفت عندها خلال الأيام الماضية، في زيارة لمدة ثلاثة أيام قضيتها في أرض المحنة بكل إرثها الاجتماعي والثقافي والسياسي، حيث تناقشت مع أهلها ومواطنيها عن الأحلام بعودة قطار السيرة الأولى، حيث تقفز للأذهان صورة مزارعي ومواطني الجزيرة وهم يتبرعون بما جاد به مشروعهم لصالح نادي الخريجين ولصالح فكرة الاستقلال، حيث بدأت فكرة مقاومة المستعمر من هناك حينما أنشأ أحمد خير المحامي وبقية المناضلين نادي الخريجين الذي كان البوابة التي ولج منها كل السودان عالم الاستقلال والحرية والديمقراطية، كنت في الجزيرة وسط الغيطان وحلم أهلها بعودة لوز القطن للشروق من جديد، وكان كل الحديث أو أغلبه يركز على الظلم الواقع على إنسان الجزيرة.. وقد تحدثنا ومجموعة من الصحفيين للبروفيسور الزبير بشير طه عن غياب التمثيل على المستوى الاتحادي لأبناء الجزيرة في الوزارات والمؤسسات وحتى القوات النظامية، حتى علق الأستاذ أحمد الشريف بصحيفة الوطن على ما قلناه بأنه كتاب أسود جديد، ولكن البروفيسور الزبير بشير طه دافع عن قومية القوات المسلحة والأجهزة النظامية وأكد أنها حيادية، ولكنه يؤكد على ضرورة مراعاة أبناء الجزيرة والمحافظة على حقوقهم وأنهم يسعون إلى ذلك من أجل انسان الجزيرة، مؤكداً على أن الجزيرة وبحكم أنها قومية المشاعر وسودانية الهوى قدمت العديد من التنازلات لصالح الوطن، ودفعت فاتورة اتفاقيات السلام مراعاةً لمصالح البلاد والعباد، ولكن مع ذلك فهي ستستعيد حقوقها كاملة غير منقوصة في مقبل الأيام وستظل مئذنة السودان والتي ترفع نداء وحدته وسلامته. وتحدث كذلك والي الجزيرة الزبير بشير طه عن الوطن الكبير الذي يجسده إنسان الولاية في معرض رده على سؤالنا عن الظلم الذي وقع على الجزيرة، واعترف بأن مشروع الجزيرة ظل في تدهور مستمر على امتداد أكثر من 50 عاماً، ولكنه قال إن الحال لن يكون كما هو عليه وإنهم ساعون من أجل تطوير المشروع وإنهم سينفذون مشروع تقانة تخطيط المشروع بالليزر، وإنهم يسرعون في إكمال امتداد الرهد والترعة العاشرة ومشروع الهلالية، وإن المصارف تكفلت بتوفير 3 مليارات دولار من أجل التمويل وإن ذلك سوف يعود عليهم بالأرباح، وإن كل هذا سيؤدي إلى إحداث تغيير في إجمالي الناتح المحلي. وبعيداً عن السياسة و في قلب الجزيرة ود مدني كان محمد الأمين حضوراً في أغلب المركبات العامة عبر أشرطة الكاسيت، وبصورة أكثر تطوراً كأن صوته يخرج من أجهزة MB3 المواكبة، وكانت مشاهد ليالي مدني في شارع النيل وقصر الضيافة وقبة مدني السني تملأ الأمكنة والأزمنة حضوراً بهيجاً، كأنها تغازل لوز القطن وسنابل القمح وقناديل الذرة في الحقول، وكان ضجيج السياسة وصور المرشحين تملأ الأماكن والطرقات وكأن الشعور ولسان الحال يردد: من أرض المحنة من قلب الجزيرة بلغوا للمسافر أشواقنا الكثيرة وتبقى المشاهد والأحداث وسيناريوهات حب الوطن السودان دراما خاصة تنتجها استديوهات الجزيرة على مر الأزمان والسنوات.