البيادة من العلوم العسكرية (العملية) لها قواعدها وأُسسها وأساليب تعليمها وفيها من المشاق الكثير .. ويضطلع بمهامها التدريبية صفوة المعلمين (التعلمجية) من ضباط الصف الغِلاظ الشداد الذين لا يعصون للعسكرية أمراً ويفعلون مايُؤمرون.. لهم في ذلك طرائف.. وطرائق قدداً.. وأكثر ما يُميز التعلمجية أصواتهم الجهيرة في (النداء) ليُسمع كل من في الطابور بلا مكبر صوت في وقت واحد .. وإذا كان في أثناء العمل الروتيني من يتأخر في أداء واجبه.. يقولون عنه: (ده النداء بيصله متأخر) ومعناه أنه لا يؤدي الحركة المطلوبة في الوقت المطلوب.. (وهذا أُسَّ البلاء في الخدمة العسكرية والمدنية) فأعتبروا يا أولي الألباب . البروفسير حسن أبشر الطيب تحدّث في لقاء (المواطن) عمر حسن أحمد البشير مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية بأهل الثقافة والرياضة والفكر والإعلام.. حديثاً رصيناً وقال عن نفسه إنه لا ينتمي لأي حزب سياسي لكنه يرى في المؤتمر الوطني الحزب المناسب للحكم في المرحلة المقبلة وفي مرشحه لرئاسة الجمهورية الشخص المناسب لقيادة بلادنا في هذا المنعطف التاريخي.. وثمَّن عالياً مجاهدات الإنقاذ في التنمية وقال إن هناك (عيباً) أساسياً فينا نحن السودانيين وهو أننا مشدودون إلى الماضي دائماً خاصة المثقفين.. زمان كان...وزمان كُنَّا.. وديل عملوا كده.. وديل تركوا كده.. وقال (إن هناك أمور حيوية وهامة وضرورية للانطلاق نحو الآفاق الأرحب والنهوض ببلادنا وأولها.. احترام الوقت.. والنظر إلى الأمام).. وأورد أن العالم المصري أحمد زويل سأل مهاتير محمد عن أهم عوامل نجاحه في النهوض بماليزيا فرد عليه الدكتور مهاتير ليست هناك عوامل كثيرة.. هناك عامل واحد فقط.. فقد جعلت الماليزيين ينظرون إلى الأمام. وتذكرت نداء التعلمجية في البيادة (للأمام أنظر) فهل نحتاج لنفس صرامة التعلمجي لكي نصوِّب نظرنا للأمام أم أن (النداء) بيصلنا متأخر.. السيد الرئيس في معرض تعقيبه على كلام البروفسير قال إن القيم الاجتماعية للشعب السوداني تجعل منه شعباً متفرداً وإن كانت هذه السلوكيات الاجتماعية تهدر جزءً من وقت العمل.. عادي جداً أن تذهب لقضاء أمر في جهةٍ ما مؤسسة أو وزارة ولا تجد أحداً لأنهم مشوا لي عزاء أو دافنه.. وهذه قيمة اجتماعية كبيرة لا تقدّر بثمن.. وذكر السيد الرئيس أنه كان في ماليزيا وكان يتابع مجريات الأحداث فيها والطفرة التي تشهدها حتى قيل عنه إنه سيكون رئيس السودان المُقبل!! وحكى أنه وزملاءه في إحدى الدورات التدريبية الخارجية والتي جمعت العديد من الأجناس الأخرى وكان من بين الضباط السودانيين جنوبيون من المستوعبين بعد اتّفاقية أديس أبابا وكان زملاؤهم من البلدان الأخرى مندهشين لحسن العلاقة بين السودانيين مع أنهم كانوا يتقاتلون سنين عدداً فردّوا عليهم ياهو ده السودان. كلمات البروفسير حسن أبشر الطيب صاحب (أروع برنامج إذاعي عالق في ذاكرتي .. ظلال .. محمد التوم التجاني وحسن أبشر الطيب).. كانت إضاءات باهرة في طريق المستقبل.. فالنظر إلى الأمام محمدة وقيمة حقيقية للوقت الذي نهدره في اجترار الماضي والحديث عن عيوب الآخرين .. لكننا نؤمن في الوقت ذاته بأن الماعندو قديم ماعندو جديد.. لذا فنحن نستلهم العبر من التاريخ دون أن نكون أسرى لماضٍ لن يعود. في أحد اللقاءات التي جمعتني بالأستاذ علي عثمان محمد طه قال إنه يوجد في أضابير مجلس الوزراء وثائق من السكرتير الإداري في عهد الاستعمار يطلب فيها إرسال خبراء لإصلاح حال الخدمة المدنية ومعها جملة تقارير ترثي حال الخدمة المدنية.. وتساءل الأستاذ علي عثمان :- الخدمة المدنية دي كانت كويسة من متين لي متين !! يعني عشان نعرف الخلل فيها بدأ من متين !! وكان يرد بذلك على الذين يقولون إن الإنجليز تركوا لنا أفضل خدمة مدنية وهذا كلام غير صحيح على إطلاقه هكذا.. علّق باشكاتب قديم علي مذكره للمدير بعبارة ( إذا وافق سيادتكم) فعلَّق عليه المدير مستنكراً (هل هناك جملة مفيده تبدأ بإذا !!) فرَّد الباشكاتب كتابهً (نعم.. إذا جاء نصر الله والفتح) .. طابور ... للأمااااام... أنظر. وهذا هو المفروض