أنا مندهش لما يدور الآن في الساحة السياسية والانتخابات تدور على قدم وساق، وبعض القوى السياسية التي أكل عليها الدهر وشرب تواصل الإنسحاب تلو الانسحاب، بل بعضها وقف الناس صفوفاً ليدلوا بأصواتهم للحكم عليها لصالحها أو لصالح خصومها.. ولكنها سارعت للهروب من مواجهة النتيجة.. وأكثرت الكلام عن الخروقات والتزوير.. قبل أن يجف الحبر من أصابع المقترعين، بل بعضها انسحب ثم عاد ثم انسحب.. ثم عاد.. وأخذ يهدد بعد بداية الاقتراع بالانسحاب.. فأنطبق عليها المثل، فأضحت كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، وأنطبق عليهم قول صاحب المعلقات.. أمرتهمو أمري بمنعرج اللوي فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد. الدهر يعلم.. وللزمان دروس يتعلم منها من أراد أن يتعلم.. إلا احزابنا التي لا يعلمها حتى التكرار الذي يتعلم منه أبو صابر.. أنا أعتقد أن تجربة الانتخابات هذه تجربة فريدة وتمرين ديمقراطي مطلوب، وتجربة مهمة لكل كيان سياسي، ليعرف حجمه الحقيقي أمام الجماهير.. ومران مهم لكوادرهم وشبابهم للتعلم والتمرس بكيفية إدارة المعركة، خاصة وأن هذه الكوادر والشباب قد بذلت مجهوداً عظيماً في التسجيل والحشد والاستنفار لمثل هذا اليوم.. بل بعضها كان يمني نفسه بالفوز في دوائر كانت مقفولة عليهم ولو تاريخياً.. وقد يفوز بعضهم لاعتبارات كثيرة.. لأكثر من أعتبار ولحسابات وموازنات تحتم هذا الفوز مهما شاب العملية من ملاحظات لا تخلو منها أي عملية انتخابات، في أي مكان، ولو كان في وست منستر التي يعشقونها.. وآخرها الانتخابات التي جرت في دولة ديمقراطية أوربية صغيرة.. أقل عيوبها تنامي عدد الأصوات التالفة.. ولكن ذلك وغيره لم يدفع أحزابهم وكياناتهم إلى ما نراه الآن من جلب الذرائع واستعمال التبريرات.. وتضخيم المثالب.. وكأني بحالها يشابه ذلك الحال الذي صوره الجبرتي وهو يتحدث عن الوالي خورشيد باشا.. وأنه كان حاكما عادلاً.. إلا أن به بعض الهنات الهينات مثل كذا وكذا!!. والله أعلم