مصر الشقيقة الكبرى على مستوى أعلى قياداتها .. الرئيس مبارك والوزراء واللواء عمر سليمان .. ثمّنوا الجهود السودانيّة التي بُذلت أثناء استضافة السودان مباراة مصر والجزائر، بل قدّروا وقيّموا الخطة الأمنيّة المحكمة التي رسمت للمحافظة على كبار المسؤولين الذين حضروا من مصر لمشاهدة المباراة وجميع المشجِّعين الذي وطئت أقدامهم أرض السودان، لمشاهدة هذا الحدث العظيم هذه الرسائل المتبادلة بين القياديين والمسؤولين المصريين والسودانيين على أعلى مستوى .. أثلجت صدور كل السودانيين وأشادوا بالروابط الوشيجة التي تربط بين شعبي وادي النيل .. هذه الرسائل والايضاحات أخرست كل الألسن التي بثت سموما لتعكير صفو العلاقات بين الدولتيْن، فمصر حكومة وشعباً قالت كلمتها تقديراً لمكانة السودان في قلبها .. ولدرايتها التامة أن العلاقات فوق أي تشنُّجات تصدر من عناصر مبتورة. بالأمس انفرجت شحنة التوتر والغضب عند كل السودانيين باستدعاء الرئيس مبارك لسفير السودان بالقاهرة لشكر موقف السودان في تأمين حياة المصريين من التصرفات السيئة التي أبداها بعض المشجعين الجزائريين، التي لو عناية الله وحكمة وعقلانية الأجهزة الأمنية السودان، وقدر الله وما شاء فعل، لحدث ما لا يحمد عقباه.. العلاقات السودانية المصريّة ماضية في طريقها، فهي علاقات راسخة أزلية ضاربة في الجذور، علاقة عمرها يزيد عن سبعة آلاف سنة، علاقات عمقها النيل العظيم المنطلق من السودان لمصر .. وإذا كانت مصر الشقيقة البوابة الشمالية للسودان .. فالسودان هو الحديقة الخلفيّة لمصر.. وحائط الصد لمصر لكل من تسول له نفسه الاعتداء عليها .. ومهما حدث من تصريحات وتعليقات الموتورين المرجفين الذي تعوّدوا الاصطياد في المياه العكرة فلن يؤثروا في العلاقات بين البلدين. نعود للأسطى إبراهيم حاجزي الذي بدون أن يدري ويدرك أهمية العلاقات السودانية المصرية أبدى شعوراً عدائياً خلال برنامجه دائرة الضوء، حالماً أن يصنع لنفسه نجومية فضائية. ولو كان الأسطى حجازي شابا في مقتبل العمر لوجدنا له العذر فالشباب طموح ويستعجل النجوميّة ويفضل دائماً أن يكون في دائرة الضوء.. لكنّنا ندرك تماماً أن الأسطى حجازي أكمل عقده السادس وفي بداية عقده السابع، فإن كان حتى الآن لم يصنعها وينتظر النجومية .. فهي «أحلام ظلوط».. فالأسطى حجازي أساء أولاً للإعلام الرياضي المصري المعروف بحياديته تجاه السودان ونسي أن الرياضة هي حمامة سلام تبني وتخلق وتقوي العلاقات بين الشعوب. الأسطى حجازي ولو أن مصطلح الأسطى ليس شائع الاستعمال عندنا مثل النجار والسمكري والدهان.. فهو استطاع أن يحول برنامجه في قناة النيل إلى بوق لشن هجوم غير مبرر على أجهزة الأمن السوداني ويشكك في كفاءة السلطات في حماية المصريين الذين حضروا المشاهدة المباراة. والذي تابع حوارات الأسطى مع قلة من العائدين يشعر أنه يضع الكلمات في الأفواه ويدير الحوار من الوجه الذي يسئ للأمن السوداني والجماهير السودانية .. لكنه فجأة تغير إلى «360» درجة وحاول تكرار عذره بعد أن قالت القيادات العليا كلمتها، وللأسطى العذر لأنّه غفل عن أن هنالك بعثة دبلوماسية مصرية بالخرطوم نقلت لمصر الأحداث بشفافية وثمّنت كفاءة ودور الأجهزة الأمنية وما بذل من جهود جبّارة حتى غادر آخر مصري سالماً معافى إلى القاهرة .. لكن تبقى الضجة الإعلاميّة التي صنعها الأسطى حجازي عالقة في النفوس بكل ما تحمله من مرارات .. ولعلك يا حجازي استوعبت الدرس والرسالة وصلتك ووقعت عليك داوية مدويّة.. ولسان حالها يقول «يطلع مين اللي يعكر صفو العلاقات بين البلدين؟»