ما كنتُ أحسبُ أنني سأزور إيران خلال هذا الشهر أو حتى في المستقبل القريب، وإن كانت زيارة أرض فارس ظلّت حلماً يراودني وربما راود الكثيرين غيري - وحدثَ أن تلقيتُ دعوة كريمة من حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لزيارة طهران - تُكْتَب وتنطق بالتاء المكسورة - للمشاركة في احتفالاتها بالذكرى الحادية والعشرين لرحيل الإمام آية الله الخميني، وأداء صلاة الجمعة - أمس - بمرقده الذي لا يبعد كثيراً عن العاصمة طهران إلا بنحو ثلاثين كيلومتراً تقريباً. غادرتُ الخرطوم مساء الثلاثاء إلى مطار «الدوحة» في قطر عابراً إلى إيران التي وصلت إلى مطارها الدولي - وهو يحمل اسم الإمام الخميني - فجر الأربعاء، ومعي رفيق الرحلة البروفيسور عبد الرحمن أحمد عثمان، مدير مركز البحوث في جامعة أفريقيا، وكنتُ أحسب أنه الوحيد معي في تلك الرحلة إلا أنني فوجئت ونحن في مطار طهران بالدكتور صلاح دفع الله يُلبي ذات الدعوة وعلمت أن كليهما يزور إيران لأول مرة مثلما هو الحال معي. مساء أمس الأول - الخميس - استقبلنا فخامة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في القصر الجمهوري وألقى خطاباً ضافياً أمام مئتين وخمسين مدعوّاً من مختلف أقطار العالم الإسلامي، وكانت قضية فلسطين هي المسيطرة عليه، وعلى كل خطب الذين شاركوا بالحديث أو الخطابة، وقد انتدبنا البروفيسور عبد الرحمن أحمد عثمان ليتحدث نيابة عن السودان وعن أفريقيا، ففعل وأجاد واستحوذ خطابه على الأهتمام وأخذ بألباب وأسماع الحضور، فقد طعّمه بالعلم والتاريخ والفكر. أما يوم أمس الجمعة فقد كان يوم الجمعة المقصود، أي يوم الاحتفال بذكرى رحيل الإمام الخميني، وقد أمَّ فيه قائد الثورة الإمام علي خامئني أكثر من مليوني مصلٍ وألقى خطبة دينية وسياسية وحماسية آمل كثيراً في أن استعرضها وأنقل مشاهداتي وانطباعاتي عنها وعن شكل الحياة وروحها ومظهر طهران التي عرفتها من قبل وتعرفت عليها لأول مرة قبل أيام.. ولا زلت أحاول التعرف عليها.