البروفيسور إبراهيم أحمد عمر، نائب رئيس المؤتمر الوطني، رجلٌ قليل الحديث، وإذا تحدث فهو جاد.. ولذلك فإني قد شعرت بالكثير من الراحة للتصريح الذي نقل له من خلال برنامج مؤتمر إذاعي، ونقلته بعض الصحف وجاء فيه: أن الأحزاب التي ترفض الاعتراف بنتيجة الانتخابات تعد خارج دائرة المشاركة في التكوين الحكومي المقبل- وأسباب الارتياح لهذا التصريح فقد جاء وكأنه يعني الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل- ولأنه أكثر الأحزاب التي يذكر اسمها مقروناً بالمشاركة.. والمعلوم أنه أول الأحزاب التي أعلنت رفضها لنتيجة الانتخابات ، ولذلك فإني أتقدم بوافر الشكر للبروفيسور إبراهيم أحمد عمر لأنه قد حسم حديث المشاركة، وخاصةً بالنسبة للحزب الاتحادي وما قاله يمكن إن يكون سبباً بأن تخرس الألسنه التي تتحدث وتتناقل مشاركة الحزب الاتحادي في الحكومة.. وأقولها صراحةً: إن أكثر الأسئلة التي كانت تستفزني ولا احترم أصحابها هي لمن يقولون لماذا لا تشتركون في الحكومة وهناك من يجزمون بأننا مشاركون!! وهي أسئلة وأحاديث لا تحترم مشاعرنا ولا حتى السؤال في من هم الذين يجب أن نشاركهم ؟والأسئلة تأتي من أفراد لا يقدرون حتى مستوى الغبن الذي لم يبارحنا والذي تسبب فيه من قاموا بتزوير الانتخابات ضدنا ولا نعتقد بأنها قد قصدت إلا إقصاء الحزب الاتحادي الديمقراطي وبعد هذا نُسأل لماذا لم تشاركوا؟.. إننا نعجب لمن ظلّوا يختلقون الأحاديث وفبركة الأخبار حول مشاركة الاتحادي.. ويروِّجون لاجتماعات قد حدثت فعلاً ويسمون أفرادها ويحددون من أجتمعت بهم من قيادات المؤتمر الوطني، برغم أننا على ثقة بأن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة، وما الغرض منها إلا تشويه صورة هذا الحزب.. بأنه محب للسلطة وللحكم.. وهي محاولات مقصودة تقف من خلفها جهات تسعى لخلق بلبلة في صفوف الاتحاديين لأنهم يعرفون بأنهم لا رغبة لهم في مشاركة أو مدِّ يدٍ بيضاء مع حزب المؤتمر الوطني الذي تآمر ضدهم، وهي أيضاً محاولة لاستفزاز مشاعر جماهير الحزب الاتحادي والتي ظلت مصدر قلق لكل الأنظمة الشمولية والعسكرية.. وقد كنا نعتقد- ومنذ أن ظهرت نتيجة الانتخابات المفبركة وأعلن الحزب الاتحادي موقفه منها- أنه ومن المفروض أن تكون هناك قناعة بأن مشاركة هذا الحزب في حكومة مع المؤتمر الوطني أمرٌ من المستحيلات.. وقيادات المؤتمر الوطني كانوا يعرفون هذه الحقيقة، ولكن في إصرارهم بإطلاق إشاعات مشاركة الاتحاديين تحتوي على غرض لا يخلو من خبث و دهاء والقصد وراء هذا هو الوقيعة بين هذا الحزب وقاعدته، أو أنهم قد صدقوا بعض المتهافتين على السلطة الذين لا تهمهم كرامة الحزب بقدر ما تهمهم مصالحهم الخاصة وهؤلاء بعض المحسوبين على الحزب من الذين ظلّت علاقاتهم متواصلة ولكن قيادات الحزب وجماهيره الواعية قد كانت على علم بكل هؤلاء.. ونقول قد كانت هناك لجنة تم اختيارها للتفاوض مع كل الأحزاب السياسية ولكن أصحاب الغرض والمرجفين قد أشاعوا عنها بأنه قد تم تكوينها من أجل التفاوض مع المؤتمر الوطني في أمر المشاركة، ولكن الذي أوكده ومن واقع المسؤولية أن هذه اللجنة والتي سميت بأسماء أعضائها وحتى كتابة هذا الموضوع فهي لم تجتمع مع أي فرد من قيادة المؤتمر الوطني، والآن وبعد تصريح السيد إبراهيم أحمد عمر فالواجب أن تصمت كل الأقلام التي تتحدث عن المشاركة، وخاصةً بالنسبة للحزب الاتحادي والذي لم ولن يعترف بنتيجة الانتخابات وهو رأي قاطع لارجعة فيه وأننا نرفض السلطة وأن نجد نصيباً من هذه الكيكة المسمومة والتي أراد المؤتمر الوطني أن يقدمها كرشوة للطامعين والباحثين عن كراسي السلطة من الذين لا تهمهم مشاعر جماهيرهم، خاصة وأن جماهير الحزب الاتحادي يزداد غضبها عندما تسمع سيرة المشاركة مع الذين تعلم بأنهم قد عملوا مع سبق الإصرار والترصد أن يكون لهم أوفى نصيب في دوائر السودان التي يملكون فيها قاعدة جماهيرية واسعة.. وأعضاء اللجنة الذين يشاع بأنهم قد تفاوضوا حول المشاركة هم طه علي البشير وأبو الحسن فرح وهما من تم إبعادهما من دوائرهما بالشمالية ومن عضوية اللجنة الأمير أحمد سعد عمر والذي استمع قبل عدة أيام من خلال اجتماع حاشد عقدته لجنة التنظيم بمحلية كرري استمع للجماهير وهى تحمّله رأيها للقيادة العليا بعدم القبول بأي مستوى للمشاركة، وفي اللجنة رجال أقوياء مثل شيخ العرب منصور العجب والأستاذ بابكر عبد الرحمن، وهذه الأسماء فيها ثقة متوفرة بأنها لن تبيع قضايا جماهير الحزب الاتحادي ولن تخذلهم ولن تستجيب إلى أمر لا يرغبون فيه.. وهناك من يشيعون بأن مولانا الميرغني قد اجتمع مع من اتفق معهم على المشاركة وهذه إشاعات حولها غرض ويريدون منها الإساءة لهذا الحزب لأن مولانا الميرغني- الذي يتهم بأنه يسعى للمشاركة في الحكم فهو شخصياً لا حاجة له في السلطة لا من أجل المال ولا من أجل الجاه، وأن كرسي رئاسة الجمهورية لا يشرفه ولا يزيده مكانة، بل إن الذي يهمه هو السودان ووحدته وهي التي ظل حريصاً عليها- وهو الذي ظل يردد، وحتى الأمس قال: «إنه لا يسمح بالتفريط في سنتمتر واحد من أرض السودان» والكثيرون لا يفهمون ولا يفقهون مثل هذا الحرص على السودان ولكنها في الحقيقة هي أشواق رجل يحمل في قلبه الكبير حب هذا الوطن العظيم والإخلاص له ولا تهمه السلطة ولا المشاركة في الحكم.. ولكن المؤسف أن البعض لا يقدرون هذه المواقف لأنهم لا يعرفون قيمة هذا الوطن إلا من خلال مصالحهم الذاتية.. والواجب أن نعرف حقيقة ما يهدد هذا السودان والذي نراه وهو مقبل على منعطف خطير.. وأن مستقبل الحكم فيه وكل الدلائل والمؤشرات تقول إنه مستقبل قاتم لا يستحق أن نفرح به ونعمل للكيد بالآخرين ولا أن نسعى للتشاحن والبغضاء.. والواجب أن نجد بيننا من لهم بصر وبصيرة وأن يبحثوا عن المعاني وبُعد النظر في حديث مولانا الميرغني الذي ظل يكرره عن ضرورة الوحدة.. وهو قد ظل يتحدث عن الوحدة ويتناسى كل ما صنع ضده من مؤامرات ومكايدات قادها المؤتمر الوطني عن قصد لإبعاد حزبه من كل دوائر السودان.. والتي له فيها قاعدة لا ينكرها إلا مكابر.. ورغم ذلك مولانا يتحدث عن وحدة السودان لأنه يعلم بمنظوره الذي لا يعلم به غيره أن بلادنا مقبلة على مخاطر لا يعلم مداها إلا الله.. ونكرر الأسف بأن نظرة مولانا لا تجد من يفهمها أو يحس بها من أهل الغفلة والتيه والبطر بالسلطة المزيفة التي لن يكتب الله لها أن تدوم.. وإن بقيت فلن نكسب الخير من تحت مظلتها.. ولمن لا يعلم إن تاريخ تقرير المصير قد تبقت له شهور معدودة، ولن نقول إن الانفصال لن يحدث لأننا قد سمعنا أن أمريكا تتعجل حدوثه لأن لها في الانفصال مآرب كثيرة، والثقة بالنسبة لأمريكا في أهل الجنوب أكثر من الشمال أصحاب المشروع الحضاري الذين تم تصنيفهم منذ زمان طويل بأنهم من صناع الإرهاب ورعايته وتصديره. والمؤسف أن أهل المؤتمر الوطني لا يحسون بهذه المخاطر وهم فقط يزدادون فرحاً ونشوةً بأنهم قد انتصروا على كل الأحزاب السودانية ويزيدهم «المطبلاتية وحارقو البخور» بأن الأحزاب قد انتهت ومُسحت من الوجود، ولعلهم قد صدَّقوا هذه المقولة المضرة.. وأقول لهم ليس من مصلحتكم أو مصلحة السودان أن تنتهي الأحزاب.. وأقول لأهل المؤتمر الوطني أنتم لن تكونوا أذكى ولا أشطر من حزب المؤتمر الوطني المصري وهو قد كان أقدر منكم بأن يفعل بالأحزاب المصرية ما فعلتموه أنتم بأحزاب السودان لتبقوا وحدكم على سدة الحكم بدون معارضه.. إنني أنادي الذين يعيشون في غفلة من واقعهم وأقول لهم: «اصحوا من هذا الغرور وكفى الشعب السوداني بكم هلاكاً، والواقع يقول إنكم تقودونه لمخاطر تحتاج منكم بعد نظر وخذوا الحكمة من أبي هاشم».