والاستنفار هو الاستنصار والاستنجاد.. ونفير الوحدة الذي دعا له السيد رئيس الجمهورية هو من قبيل هذا- نصرة للوحدة الوطنية ونجدة لها وقد أحسن السيد الرئيس وأجاد عندما قال إن الفترة المتبقية لإجراء الاستفتاء ليست قليلة ويجب أن نستغل كل يوم بل كل ساعة واستشهد سعادته بالحديث الشريف «لو قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها».. وذلك من المعروف الذي لا يستهان به مهما قلَّ «فاتقوا النار ولو بشق تمرة». وأنا أعرف أن هناك أشخاصاً كثراً من أبناء هذا الشعب يعملون من أجل الوحدة في صمت ونكران ذات وهم يضحون بأوقاتهم وأموالهم من أجل أن تستمر الوحدة الوطنية قائمة.. وكما قال السيد الرئيس فإن الاستفتاء وهو على حق تقرير المصير فإن أبناء جنوب السودان لن يقرروا لأنفسهم وحدهم بل سيكون قرارهم منسحباً على كل السودان في أن يكون دولة واحدة أو دولتين.. وهناك من قيادات الحركة الشعبية ممن نعتبرهم من غلاة الانفصاليين «مع حفظ الأسماء» يقولون هذه الأيام:- «كل الدنيا عامة وأفريقيا خاصة تتجه نحو الوحدة فيقوم الاتحاد الأفريقي، ونتجه نحن الجنوبيين نحو الإنفصال؟!! ويقولون هل ننفصل من أجل البترول؟ وكيف يمكن استغلاله وسط الصراع الجنوبي الجنوبي؟ وكم تتكلف عملية مد أنابيب جديدة في الإتجاه المعاكس؟ وكم من الوقت يستغرق ذلك؟ وإلى متي ستستمر آبار البترول في الإنتاج ومتى ستنضب؟ وما هو مصير أبناء الجنوب الذين توطنوا في الشمال؟ وكيف ومتى سيتمكنون من توفيق أوضاعهم في الدولة الوليدة وكم سيكلف ذلك؟ ويقولون لو أن هناك من أبناء الجنوب من يسعون للانفصال عن الشمال ومن أبناء الشمال من يسعون للإنفصال عن الجنوب فليعلنوا عن قيام حزب أو أحزاب ويسموا الأشياء بأسمائها. يسمون حزبهم «حزب الإنفصال» بلا لف ولا دوران ولا مواربة.. فبدلاً عن الحديث عن التهميش أو البحث عن العدالة أو طلب المساواة أو توزيع السلطة والثروة أو غير ذلك.. يطلقون على حزبهم حزب الإنفصال ويخوضون به الانتخابات القادمة فإن حصلوا على تفويض الجماهير فليفعلوا ما أرادوا بوحدة البلاد.. هذا الكلام على لسان قادة كبار في الحركة الشعبية وبالمقابل فإن السيد رئيس الجمهورية أطلق «نفير الوحدة» وما على الجماهير- كل الجماهير- التي أتت بالمشير البشير رئيساً للجمهورية وبحزب المؤتمر الوطني بأغلبية مطلقة للبرلمان إلاّ أن تستجيب لنداء «نفير الوحدة» فالجنوبيون الذين صوّتوا لصالح البشير وسلفاكير يجب أن توافق قناعاتهم قناعة من صوّتوا لصالحه. بالأمس أو أمس الأول وجهت نقداً قاسياً للأستاذ الكبير عمر الجزلي عن موقف شهدته منه في مقابر أحمد شرفي عند تشييع المغفور له بإذن الله ذو النون بشرى الذي ظل يعطي بلا انقطاع حتى مات كالأشجار واقفاً ولم «يمت كالسوائم» كما قال الجزلي... ولم أتخيل أن يصف الجزلي زميله بأنه مات زي «الغنماية أو النعجة» أو نحو ذلك!! والمرحوم ذو النون لم يفارق الإذاعة بعدما أحيل على التقاعد لبلوغه سن المعاش إلا لمدة عام واحد قضاه في الإذاعة الطبية حتى انطلقت ثم رجع للإذاعة «رجوع القمرة لي وطن القماري» .وكان هو صاحب فكرة إذاعة «ذاكرة الأمة» والتي نفذت في رمضان ووجّه الأستاذ علي عثمان نائب رئيس الجمهورية بمواصلة العمل فيها.. ومديرها هو الأستاذ عوض أحمدان ومستشارها هو الاستاذ الراحل ذو النون وبالمناسبة كان يتقاضى راتباً أكبر من راتب مديرها «حباً وحقاً وكرامة». كما أن الأستاذ ذو النون كان مكان تقدير الدولة واحترامها حيث زاره بمنزله في رمضان عام «2006 أو 2007» الاستاذ علي عثمان محمد طه.. تلك الزيارة التي اسعدت الراحل ورفعت من روحه المعنوية.. وحسّنت من حالته المادية.. وربما التبس على البعض.. في عمود أمس الأول.. إن الذي طلب سحب نشيد «هبت ثورة الإنقاذ» هو الأستاذ ذو النون وهذا غير صحيح فالأستاذ الراحل ظل ثابتاً على موقفه دعماً وتأييداً للإنقاذ حتى وافاه الأجل المحتوم.. والقصة معروفة وتناقلتها المجالس بين القاهرة والخرطوم ردحاً من الزمن. كنت في معية السيد رئيس الجمهورية عندما زار الأستاذ الراحل علي الحسن مالك بمنزله ببحري في أمسية رمضانية وقد جلس إلى جوار صاحب الدار.. فقال له الأستاذ الراحل.. ياريس ذات مرة زار الرئيس النميري الإذاعة وأطل عليّ في مكتبي وداعبني وقد كنا نتعارف منذ أن كان ضابطاً في الجنوب قائلاً:- «لسه ما خليت الرشاشات يا على؟» فأجبته «لما أنت تخلي الصهاينة» وضحك النميري وذهب.. لكن إدارة الإذاعة عاقبتني للوقاحة.. واليوم الرئيس في بيتي وبيهزر معاي. وهذا هو المفروض