يا صبر أيوب، لا ثوبٌ فنخلعُهُ.. إن ضاق عنا.. ولا دار فننتقل.. لكنه وطن.. أدنى مكارمه.. يا صبر أيوب إنا فيه نكتمل.. إنها أجمل ما كتب الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد فأصبحت قصيدته يا صبر أيوب هذه اسمه الثالث.. التقيته في ختام مهرجان ملتقى النيلين للشعر الثاني وعلى الرغم من عجلته نسبة لانشغاله بليلة الختام إلا أنه أجاب على كل استفساراتي برحابة صدر فكانت المحصلة الآتية: **كنت من المشاركين في الدورة الأولى لانطلاقة مهرجان ملتقى النيلين وها أنت تشارك فيه للمرة الثانية فمن واقع مشاركتك قدم لنا قراءة سريعة لهذه الدورة؟ الدورة الثانية هذه يمكنني القول إن بها قفزة نوعية واضحة عن الدورة الأولى. فملتقى النيلين للشعر خطا خطوات جيدة للأمام رغماً عن الظروف السياسية الصعبة التي تحيق بالسودان ورغم عن التهديد القذر. هذا من جهة ومن جهة أخرى المجموعة التي دعيت للمهرجان هم شعراء حقيقيون وبصفة خاصة الشباب. فمن العراق الشاعر عمر العنازي وهو مبدع بحق، ومن لبنان الشاعر مهدي منصور وأيضاً شاعر آخر من الجزائر يتمتع بالإبداع وشهدت هذه الدورة أيضاً تقديم دعوة للمرة الأولى للشاعر العراقي الكبير ورئيس اتحاد الكتاب العراقيين حنين سعيد. أما الشعراء السودانيين شباباً وشابات إبداعهم يفوق الوصف وهذا الشيء هو الذي دفع المتلقي لحضوره. **لابد ان هناك شيئاً لفت انتباهك في الدورة الثانية؟ الغالبية العظمى من الشعراء المشاركين كانت الظروف التي يمر بها السودان حاضرة في قراءتهم الشعرية ولأنكم شعب ذكي كانت كل كلمة قيلت من قبلهم في هذا المهرجان مفهومة بالنسبة لكم أردت ان اقول يجب أن يستمر القائمون على أمر الملتقى بتقديم الدعوة لكبار الشعراء وذلك لأنهم يشكلون إضافة أو فلنقل هيبة لأنه مهرجان شعري ولأن هكذا مهرجانات لا تكبر إلا بالكبار. وفي الوقت ذاته يجب أن يبتعد عن أصوات شعرية قد تخصم منه فلا يفتحون الباب أمام هذا وذاك بأن يأتي ويقرأ أشعاره، وذلك لسبب الأول هو الخوف من أن ينزل مستواه لأنه سيقول (كلام عادي). والسبب الثاني اذا ما رأى كبار الشعراء مثل هؤلاء يعتلون المنبر قد يقررون عدم المشاركة خاصة وأن بعضاً منهم لغته غير سليمة وأوزانه خائطة، لذا لابد من العمل على أن يكون نقياً ليمضي الى الأمام. **تعتبر ثورة الربيع العربي التي آتت أكلها في تونس ومصر ولازالت مستمرة في سوريا محفزاً لكتابة الشعر ألا تتفق معي؟ عن نفسي لا أتحدث عن الربيع العربي ليس خوفاً مني إنما لسبب آخر هو خوفي من أن يأتي بعده صيفاً حارقاً فيقضي على آلامه بأكملها والأيام ستثبت حديثي هذا. **هل يعني حديثك السالف هذا إنك لم تكن متحمساً للربيع وقبل ذلك الصيف الذي حلَّ على العراق؟ لا أملك شيئاً سوى قلمي الذي أكتب به وكتبت كثيراً حول هذا الموضوع.. العراق لم يتحرر بل انهار وتم حرقه بدعوى التحرير حتى لم يعد هناك شيء اسمه العراق إلا اذا ما تمكنا من النهوض مثلما نهض ذلك الطائر الخرافي من الرماد. واذا ما نهض العراق مرة اخرى سيصبح عنقاء أخرى.. أحرقته أمريكا ومن الدرجة الأولى إيران. **ولكن هناك أشياء تحدث تستفز الشاعر على الكتابة؟ لدي خمسة دواوين شعر كتبتها عن الاحتلال.. الشعب العراقي مشرد في أنحاء متفرقة من العالم يطالعون ويذرفون الدموع حتى قاربت على مشابهة العدادة وهي التي تبكي نفسها والآخرين.. أنا أخاف من هذا الربيع العربي.. ليبيا ذبحت عن بكرة أبيها.. واليمن أيضاً، أما مصر لم تعد تنعم بالاستقرار وما أخشاه هو اللعبة الأمريكية، وأنا كشاعر مع حرية الشعوب بنسبة مائة في المائة. **الشيء الذي اعتبره كثيرون إيجابيا في الملتقى الثاني هو فتح باب المشاركة للشعراء السودانيين الشباب فكيف وجدتهم؟ كل ما سمعته أذني من شعراء السودان الشباب استقر بقلبي وفي الخاطر أمنية وهي أن يتم أخذ كل شاعر لامع ومبرز منهم والغريب إنهنَّ فتيات وجميلات لاحظت أن المفردات التي يستخدمنها متجددة ومع ذلك ليس التجديد هو المهم بقدر أهمية الصياغة. **يا صبر أيوب طفقت شهرتها الآفاق وأصبحت تلازمك كظلك؟ اشتهرت في جميع أنجاء العالم بالرغم من أنني شتمت فيها أمريكا ومع ذلك تقدمت بطلب الى العراق قبل الاحتلال بأن يتم نشر ترجمة لها وأتذكر أنني دعيت ذات مرة الى اندونيسيا وطلبوا مني أن أُلقيها عليهم وهم شعب لا يتحدث اللغة العربية فترجمت الى لغتهم. وصبر أيوب من القصائد الكبيرة وكرمت بسببها ومن كثرة قراءتي بها تم نقلي الى باريس وعدد أبياتها تسعين بيتاً وتعجب الناس لأنها عن مأثورنا الشعبي. **هل نتوقع أن يكون عبد الرزاق عبد الواحد حضوراً في الدورة القادمة ؟ عندما يعلن رئيس الدولة انه لن يحضر المهرجان اذا لم أكن أنا حاضراً به فأنتم إذن وصلتم وتزداد سعادتي دوماً بالمشاركة فيه. **الى أي مدى تستطيع الخرطوم أن تكون ملتقى للشعراء العرب؟ هذه أمنية بالنسبة لنا بل أتوقع حدوثه، لذلك أكدت على السيد الوزير الحرص على دعوة كبار الشعراء والابتعاد عن الشعراء الأقذام.