لا خلاف على انعكسات الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد على لغة خطاب قيادات المؤتمر الوطني ..الدليل على ذلك الطريقة التي تحدث بها نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم محمد مندور المهدي في صالون الراحل سيد احمد خليفة أمس.. وعلى غير العادة بدأ مندور بالاعتراف بأن الأزمة الحالية هي واحدة من إفرازات السياسات الخاطئة التي انتهجتها الحكومة والمؤتمر الوطني في الفترة الأخيرة .. وأكثر من ذلك رمى باللائمة في ترهل أجهزة الدولة على طريقة الترضيات السياسية التي سيطرت على تشكيل الحكومة الأخيرة .. انتقاد آخر وجهه مندور للجهاز التنفيذي وهو إعلان الزيادات ورفع الدعم عن المحروقات قبل البداية الفعلية والجدية في تقشف الدولة المعلن بتقليص الوزراء وخفض الإنفاق الحكومي .. تجاوز البرلمان في امر الزيادات ورفع الدعم عن المحروقات كان الانتقاد الثالث الذي وجهه مندور للجهاز التنفيذي وأعاب أن يتم الامر في شكل صفقة بين النائب الأول علي عثمان ورئيس المجلس الوطني أحمد إبراهيم الطاهر ووزير المالية علي محمود، وقال مندور( تجاوز البرلمان تسبب في حرج بالغ للحكومة وهو تجاوز ما كان يجب أن يتم).. الصحفيون قبل انعقاد جلسة الصالون أثاروا مع مندور قضية الرقابة على الحريات الصحفية، لينتهز الرجل الفرصة ويعلن عن رأيه الشخصي ورأي الحزب من هذا الأمر، وقال إنه ضد الرقابة على الصحف وضد الرقابة على الحريات بصورة عامة، كما ان حزبه المؤتمر الوطني اعلن موقفا واضحا وصريحاً من هذا الأمر وهو الرفض القاطع لهذه المسألة ، وسأل مندرو كم توزع الصحف حتى تتعامل معها الدولة بهذه الطريقة؟ وكشف عن خطة من قناة العربية التى اعتبرها القناة المسؤولة عن تغطية الأحداث في السودان وتهويلها لتبلغ درجة الربيع العربي-حسب قوله- ..وقال بان له رأياً (خاصاً) بالتظاهرات التي وقعت في الخرطوم أمس وامس الأول. واكد انه ضد قمع المتظاهرين والتعامل معهم بالعنف المفرط، ولكنه ضد تخريب الممتلكات وأشار إلى ان صاحب العربة التي حطمت امس الأول لا ذنب له كما أشار إلى بصات الولاية وعربة الشرطة التي أحرقت في منطقة الديم والسجانة، وكشف عن ان هنالك مجموعة من الشباب ترتدي فنلات حمراء اللون هي التي كانت تطوف مناطق العاصمة المختلفة تحمل إطارات في عربة تقوم بإحراقها هنا وهناك، وأراد مندور أن يصور أن الأمر ليس مظاهرات شعبية عفوية وأنما تكتيك من جهة ما توحي للعالم وللشعب أن هنالك ثورة . القيادية بحزب الأمة القومي مريم الصادق كان محورها الأساسي أن الأزمة الحالية تتجاوز الاقتصاد إلى السياسية وأرجعتها إلى تمسك الوطني بالانفراد بالحكم وعدم إشراك الآخرين.. مندور رد على مريم رغم مغادرتها للصالون بأن السلطة هي جزء منها واعتبر أن وجود عبد الرحمن الصادق الذي يعده والده لقيادة الحزب بحسب رأيه مشاركة صريحة لحزب الأمة في السلطة وليس هو حزب معارض كما يروج.. المفاجأة كانت خلال رد مندور على الصحفيين وخلالها عاد ليعدد إنجازات الانقاذ ويقلل من الأزمة الاقتصادية والملاحظ أنه أكثر من المقارنة بين السودان وبريطانيا التي عاد منها قبل أسابيع قليلة بعد أن سافر إليها للعلاج، وكما قال أحد الحضور مازحا (سافر قبل التقشف وإلا لوجد نفسه يتعالج في إبراهيم مالك) وأكثر من مرة قال إننا نصف ما يحدث بالأزمة ولكن 48 % من البريطانيين قالوا إنهم سيغادرون بريطانيا بسبب غلاء المعيشة، كما دخل في مقارنات طويلة بين عهد الانقاذ والاحزاب وخاصة فترة الصادق المهدي . سألناه إن لم تفلح المعالجات الاقتصادية في إنقاذ البلاد من الأزمة هل ستعترف الحكومة بفشلها وتجري انتخابات مبكرة ، قال ( لا أستبعد إن كان هو الحل أن تجرى انتخابات مبكرة ) وذلك بعد أن اعترف أن الحكومة الحالية محاصرة مستهدفة بسبب رفعها لراية لا إله إلا الله وتطبيقها للشريعة الإسلامية وتمسكها بثوابت المشروع الحضاري وإعلائها لقيمة الجهاد ضد من قال بأنهم الكفار والمشركين، وأكد مندور أن قيادات الوطني ستنزل للشارع وتطوف الأحياء لتشرح للمواطن أبعاد الأزمة وتمسك بثقتهم في أن الشعب واعٍ وسيتفهم المنعطف الذي تمر به البلاد على حد تعبيره.