ليس لأن الرئيس (فاضي) وليس هناك ما يشغله من قضايا لدرجة أن يجد متسعاً من الوقت ليصدر فيه أوامر صارمة بمحاربة ظاهرة الشيشة التي اجتاحتنا فجأة كإعصار تسونامي، فلا تدخل محلاً أو مطعماً إلا وتجد شبابا وشابات يتنفسون ما بداخلها وكأنهم فطموا عليها إذ جاء اهتمام الريس بهذه الظاهرة لأنها واحدة من مهددات قطع خيوط (النسيج) السوداني الذي عرف بمتانته وجمال حياكته التي أفسدتها (مقصات) الشيشة وبلاوي بعض القنوات الفضائية. والمواطن العادي في رأيي تمسه مثل هذه القرارات مباشرة طالما أنه تهمه في تفاصيل حياته اليومية وتؤثر عليه بشكل مباشر وربما أنه لا يلقي بالاً ولا اهتماماً للحديث الذي يصدره أصحاب البدل والكرفتات الذين يحدثوننا عن الدخل القومي والخطة الإستراتيجية وما الى ذلك من التنظير الذي يجعل (الغلابة) يفتحون أفواههم الجائعة في محاولة لفهم هذا الكلام «الهواء» فالمواطن العادي يعنيه بالدرجة الأولى أن يفتح الماسورة ليجدها تؤدي دورها الذي صنعت من أجله وهو نزول قطرات المياه منها وليس الشخير وكأنها مصابة بلحمية الجيوب الأنفية. والمواطن التعبان يفهم أن يذهب الى السوق ويجد كيلو الطماطم بي جنيه وكيلو اللحمة بثلاثة وليس بالأسعار الخرافية التي تكوي الناس لدرجة أن السلعتين أعلاه أصبحتا من تفاصيل موائد المترفين أما محمد أحمد المسكين فليبحث له عن عنصر آخر يعمل به (السخينة) لأنه سخينة من غير طماطم دي السخانة ذاتها! والمواطن التعبان يهمه ويعنيه بالدرجة الأولى أن يركب المواصلات ببضع قروش وليس جنيهاً أو ما تعداه. والمواطن المكلوم يفهم ويشعر بالرخاء عندما يذهب الى شباك الصراف ويقبض راتباً (مدنكلا) وليس بضع مئات يلتهمها كيس الخضار في ثوان. نعم هذا ما يفهمه المواطن وهي اللغة الوحيدة التي يستوعبها أما الحديث عن الخطط والأطروحات والاحصائيات فهو حديث محله ورش العمل ومناضد البحث والبرمجة التي تجعله واقعاً معاشاً وليس مجرد (مخدر) أدمناه للدرجة التي أصبح فيها متوافقاً ومتعايشاً مع ما تحمله من فصائل دم فما عادت (الوهمات) الانتخابية تعدى علينا وما عادت أحاديث المسؤولين المنمقة تؤثر فينا لأننا فقط نطلب منهم أن يكون الحديث عبر قفة الملاح وجيب الموظف وعندها ستستجيب أحاسيسنا وأدمغتنا!! كلمة عزيزة نعم أستطيع وبكل شجاعة أن أقول إن العمل في بعض الفضائيات السودانية المتحكم فيها بالدرجة الأولى هي الواسطة والمجاملة والعلاقات الشخصية. وعندما أقول العمل فلست أعني منح الدرجة الوظيفية في المؤسسة منذ البداية لأنه دي نقطة مفروغ منها! لكنني أعني حتى مبدأ توزيع الفرص من خلال البرامج أصبح يخضع للأمزجة الشخصية لمن يديرون العمل البرامجي وتعالوا لنضرب مثلاً بفضائية النيل الأزرق التي فاجأتني وفي ترويجها لسهرتها اليومية الرمضانية التي ستبث من داخل إحدى الصالات فاجأتني بتكرار وفرض بعض الوجوه التي أثبتت أنه لا علاقة لها بالأداء التلفزيوني سوى مواصفات جمالية أصبحت متوفرة في الشارع السوداني والله يجازي (اللوكسيد وديانا) وهي بالتالي لم تعد تؤثر كثيراً على نظرة المشاهد الذي يبحث عن المذيع والمذيعة المتمكنة وفي المقابل وجدت نفسي أسأل عشان شنو؟ ولمصلحة من تعطل مواهب شابة أثبتت كفاءتها وثقافتها وقبولها العالي لدى المشاهد السوداني؟ بالواضح كده ما الذي يجعل مثل إسراء عادل بعيدة عن هذا البرنامج الجماهيري وهي أكثرهن حضوراً وتألقاً وثباتاً؟! ما الذي يجعل نجود حبيب بعيدة عن أي برنامج آخر خلال الشهر الكريم والشابة تمتلك طاقات غيرها لو أنه وجد ربعها لاستحملناه. أعتقد أن المجاملة ومنح الفرص لغير مستحقيها تلقي بظلالها على البرنامج نفسه وإن كنت متأكدة أنه لا واحدة من اللائي ظهرن في الترويج اللهم إلا تسابيح خاطر تستطيع أن تقدم سهره منفردة دون أن تتكل على كتف سعد الدين حسن أو أمجد نور الدين اللذين أصبحا الدعامة لكل من لا نثق في موهبتها وحضورها فأعيدوا النظر يا أهل النيل الأزرق في السهرة المباشرة وامنحوا إسراء ونجود الفرصة ولن تندموا ومؤكد لن يندم المشاهد! كلمة أعز المذيعة الجديدة على فضائية النيل الأزرق نادين علاء الدين لم أصدق أنها ذاتها التي تطل بصوتها عبر راديو الرابعة وتتحدث بلهجة لبنانية تنافس بها نوال الزغبي وألين خلف لدرجة أنني كنت أتخيلها شابة لبنانية. على العموم تقييمها من الإطلالة الأولى أو حتى الثانية غير منصف بالنسبة لها لكنها في العموم موعودة منا بالتشجيع متى ما كانت تستحق!