٭ شاهدت خلال اليومين الماضيين وعلى التوالي سهرتين من أجمل ما يكون إذ أنك تجد نفسك مجبراً ألا تغادر المحطة حتى لحظات الإعلان خشية أن يفوتك جزء ولو يسير منهما، السهرة الأولى كانت على الفضائية المصرية في برنامج (مصر النهار ده) الذي يقدمه الصحفي الأستاذ محمود سعد، واستضاف فيه كسبق له وللبرنامج الفنانة المصرية المعتزلة هند رستم، ولم يكن تفرد الحلقة فقط في الشخصية المستضافة ولكن في لغة الحوار التي استخدمها مقدم البرنامج، وابتعاده عن الرتابة التقليدية في أسئلته، أو حتى في طريقة تقديمه للحلقة، إذ أنه ظل معظم السهرة إما واقفاً أو متجولاً في منزل الضيفة ليشارك المشاهد في كثير من التفاصيل التي تحويها صورها وذكرياتها. أما السهرة الثانية فكانت عبر قناة المحور وفي برنامج تسعين دقيقة الذي استضاف في الجزء الأخير منه الممثلة شويكار، وحلاوة البرنامج لم تكن لأن الضيفة هي من الممثلات الشابات الجميلات. رغم أن شويكار ورغم تقدم العمر لا زالت تحتفظ بالكثير من جمالها وألقها ولكن جاءت حلاوة السهرة في الطريقة «المنفتحة» التي قدمها بها الدمرداش فقد كانت الأسئلة غير تقليدية وجريئة للحد الذي جعل شويكار تتحدث بصراحة متناهية عن هموم المواطن وعن أحلامه وأمنياته في أن يعيش مستوراً وعزيزاً، ورغم أن معتز وبطريقته خفيفة الظل ظل مبتسماً طوال البرنامج لكن أسئلته كانت عميقة وربما كانت تدور في أذهان الكثير من المشاهدين لذلك أنا شخصياً لم أتحرك من مقعدي حتى انتهاء السهرة. ٭ وفي ذات اليوم الذي شاهدت فيه سهرة (مصر النهار ده) شاهدت برنامجاً بثته النيل الأزرق بعنوان «بكرة أحلى» عشية ليلة الانتخابات وبدءاً أقول إن الفكرة ممتازة في محاولة لفك «تنشنة» المشاهدين الذين كانوا متوجسين أو أنهم ظلوا نهباً للإشاعات، وبالفعل بدأ البرنامج باكراً من تقديم إسراء عادل ومحمد عثمان وتبارى الشابان في تقديم مادة «فرقت» على المشاهد وكانت جديرة بالمشاهدة لتأتي بعدهما تسابيح لوحدها وهي الأخرى قدمت ما قدمت بطريقة سلسلة وفيها الكثير جداً من الفهم والأريحية حتى حان وقت الجزء الذي قدمه أخونا أمجد نور الدين والأخت رشا الرشيد ليظهر الفرق شاسعاً بين ما قدمه زملاؤهم من قبل وما يفعلانه. ورغم أنهما استضافا الشاعر تاج السر مصطفى وسميرة دنيا بكل ثقلهما إلا أن الحوار كان رتيباً ومكرراً وفطيراً (وما عايزة أقول) سخيفاً وتقليدياً، بالمناسبة رشا لا زالت تواصل الهمهمة وأكل كلمات في الأسئلة، (يعني مثلاً) تقول لضيفها «نحنا عايزين نسمع قصيدة من قصائدك الفهممفم فهمم همم»! والمشاهد يفتح فمه ليعرف كيف يفك طلاسم هذه الهمهمة، فيضطر أن (يتموا خيال) ! (بعدين) لا أدري ما علاقة (بكرة أحلى) بأسئلة مثل الذي وُجِّه لسميرة دنيا عن ماذا أخذت من حبوبتها! ليسدل الستار على فترة بكرة أحلى بأسوأ جزء فيها إذ أن الفكرة (فكت) واتسعت وأصبحت غير ذات معنى وكأن من أدخلها الفرن أراد شيئاً وخرج له شيء آخر تماماً، وعلى ما يبدو أن الأقدار وحدها أرادت أن أعقد هذه المقارنة حيث بثت الفضائية السودانية أيضاً برنامجاً بعنوان (أماسي الناخب) وهو برنامج في رأيي يدعو للضحك لأنني كنت أتمنى ألا تكون أماسي الناخب عبر برنامج تقليدي يجلس فيه عدد من الضيوف وفنان يغني غناءً وطنياً ليتم تكريم شخص له علاقة بالانتخابات في مشهد مكرر ليس فيه تجديد للفكرة ولا تحفيز للإلهام، كنت أتمنى أن تكون أماسي الناخب بخروج الكاميرا إلى الأماكن العامة والفنادق والشوارع لاستطلاع الناس عن يومهم الأول في الانتخابات وعن توقعاتهم وعن ما شاهدوه طوال اليوم، بل سؤالهم عن حالة الاطمئنان التي كانت سمة للعملية الانتخابية. ٭ أعتقد أننا نعاني مشاكل في الأفكار وإن وجدت نعاني أكثر في من يوصلها وبالمقارنة بين المثالين الأخيرين وما قبلهما من أمثلة يتأكد لنا أننا في حاجة إلى «معجزة» لنشبه الغير لأن يا سادة يا كرام المذيع ليس فقط (بدلة)، أو المذيعة لوحة من الألوان، (الحكاية أكبر من كده، لكن مين يفهم ومين يصحح)؟ كلمة عزيزة: (نفسي أفهم) جدوى عربات الفضائية السودانية ذات الأطباق اللاقطة التي شاهدناها عبر شاشتها وكل إفادات مراسليها سماعية وعبر الهاتف. كلمة أعز: (ليه نستغرب) إن حاول شخص الاعتداء على فنان ما، طالما أن الفنانين أنفسهم يعتدون على بعضهم البعض صباحاً ومساء!!