{ الإخوة الجنوبيون المقيمون في الخرطوم وولايات الشمال الأخرى، هم الذين ينبغي عليهم أن يجعلوا خيار الوحدة جاذباً، وليس الشماليين كما يردد قيادات الحركة الشعبية.. { الآن .. جاء وقت الجد، وأوان الحسم، وتقرير المصير، إما أن تكون جنوبياً وحدوياً، فتعمل من أجل الوحدة بمواجهة التيار الانفصالي، لأنك مواطن سوداني صالح من أبناء الجنوب لكنك مرتبط بالشمال مادياً ووجدانياً، نشأت فيه، وترعرعت، وتعلمت، وتوظفت حتى ولو كانت وظيفة (هامشية)، فهي في كل الأحوال غير متوفِّرة في «جوبا»، أو «ملكال» أو «قوقريال»، وإما أن تكون جنوبياً انفصالياً تفضِّل خيار انفصال جنوب السودان ليكون دولة مستقلة، وفي هذه الحالة ينبغي عليك أن تعمل من أجل الانفصال على أرض الواقع هناك في جنوب السودان، وبالتالي يتوجب عليك مغادرة الشمال خلال (5) أشهر، وإذا رغبت - بعد الانفصال - في العودة إلى الشمال، فتحتاج إلى جواز سفر، وتأشيرة دخول من سفارة السودان (الشمالي) في «جوبا» التي لن تمنحك إياها بكل سهولة ويسر. { لا يمكنك المجاهرة بتوجُّهك (الانفصالي).. وأنت مازلت هنا.. في الخرطوم..!! لماذا لم تغادر إذن إلى «الرنك»، أو «بور»، أو «كبويتا»، أو«مريدي» أو «نمولي»؟! { إعلان استقلال الجنوب يحتاج إلى سواعد وعقول، إلى طاقات جبارة، وأفكار خلاقة، حتى لا يكون الجنوب دولة فاشلة، شأنها شأن الصومال، وهذا يستدعي هجرة أكثر من (3) ملايين جنوبي مقيمين في ولايات الشمال ال (15)، باتجاه ولايات الجنوب ال (10) - عاجلاً غير آجل - وقبل حلول موعد الاستفتاء المقرر في يناير القادم، للمساهمة في تأسيس الجنوب الذي يفتقر الآن إلى أي مظهر من مظاهر الدولة سوى علم الحركة الشعبية، ومكاتب حكومة الجنوب، وفندق إريتري، وآخر صيني، وثالث إثيوبي، وعدد محدود جداً من القنصليات..!! { ولو كانت الفنادق تكفي لإعلان استقلال دولة، لكان (السوق العربي) بالخرطوم دولة مستقلة ذات سيادة لكثرة الفنادق ثلاث وأربع نجوم فيه!! علماً بأن أسعار الفنادق في «السوق العربي» أرخص بكثير من أسعار فنادق «جوبا». { الإخوة الجنوبيُّون المقيمون في الخرطوم هم مواطنون سودانيون من (الدرجة الأولى) يدرسون في مدارسها، وجامعاتها، ويسكنون في أحيائها الشعبية، ويقطن بعض الميسورين منهم في أحيائها الراقية، وهذه مسألة اقتصادية ذات علاقة بالدخل الشخصي، ولا علاقة لها بسياسة تمييز عنصري.. بينما لاحظت في «لندن» - أم الديمقراطية وحقوق الإنسان - أن اللاجئين (السود) القادمين من أفريقيا ودول أخرى، تم (تجميعهم) في أحياء جنوب العاصمة البريطانية، مثل حي «بركستون» الذي إن دخلته تظن أنك في أطراف «نيروبي»، أو «كمبالا»..!! { الجنوبيون في «الخرطوم» أو «بورتسودان» أو «مدني» أو «مروي»، غير ممنوعين من الإقامة في أحياء ومناطق محددة، أو استغلال المركبات العامة مثلما كان يحدث في أمريكا خلال فترة (الفصل العنصري).. ولذا فإنهم مواطنون من الدرجة الأولى، يمكنهم امتطاء الفارهات من السيارات كما يفعل قيادات الحركة الشعبيّة، وتلقي العلاج في أكبر المستشفيات «الخاصة»، إذا توفَّرت القدرة المالية التي قد لا تتوفر لأكثرية الجنوبيين، مثلما لا تتوفر أيضاً لأكثريَّة «البجا» في الشرق، وفقراء الحلفاويين المهمشين في أقصى الشمال، وحتى لمئات الآلاف من الغلابى في «شندي» وضواحيها أو على امتداد قرى «الجزيرة» المظلومة «ظلم الحسن والحسين»، أو للهائمين في بوادي كردفان الغرة، والنازحين في دارفور. الوحدة الجاذبة ينبغي أن يفرضها إخوتنا الجنوبيون المقيمون في الشمال، هم الذين تقع على عواتقهم مسؤولية «محاصرة» الانفصاليين بقيادة «باقان أموم» والضغط عليهم لصالح وحدة السودان. { فالسادة (الانفصاليون) في الجنوب، هم (مهاجرون) قادمون من أستراليا وكندا، وكينيا، وأوغندا، وبريطانيا، ومصر، وإثيوبيا، وأمريكا، ولا تربطهم علاقة مصالح، أو علاقة عواطف بالشمال. { (الانفصاليون) في الجنوب لاجئون قادمون من دول أوروبية وأفريقية، يحملون جوازات سفر بريطانية، وأمريكية، وكندية، لم يتشردوا، ولم يجوعوا، ولم يعانوا كما عانى «جنوبيُّو الداخل» طيلة سنوات الحرب. { إسألوهم: أين يدرس أبناء قيادات الحركة ووزراء حكومة الجنوب؟ أين تقيم عائلاتهم الثرية؟ { أولادهم يدرسون في «كمبالا» و«نيروبي» وإنجلترا، والولايات المتحدةالأمريكية.. يقيمون هناك مع عائلاتهم الكريمة.. وليس في «الحاج يوسف» و«دار السلام» و«مايو» و«عد حسين»..!! ولهذا، فإنهم (انفصاليون)، وإذا فشلت دولة الجنوب، واشتعلت الحرب مرة أخرى، فإنهم سيعودون بجوازات سفرهم الأوروبية والأمريكية والأوغندية إلى تلك العواصم الناعمة، ولا عزاء لثلاثة ملايين جنوبي يهيمون على وجوههم هنا في الشمال.. { أنتم - يا جنوبيي الشمال ستكونون - وحدكم - ضحايا انفصال الجنوب، ومثلما كنتم ضحايا الحرب الأولى والثانية، ستواجهون جحيم الحرب الثالثة.. ولن يواجهها «باقان»، أو «لوكا بيونق»، أو «نيال دنيق» ، فهؤلاء بيوتهم جاهزة في «نيروبي» و«لندن» ومدن الجمال في أمريكا.. { التظاهرات من أجل الوحدة ينبغي أن تخرج من «ملاعب كمبوني» وشارعي «القصر» والسيد «عبد الرحمن»، وكنائس الخرطوم وأم درمان وبحري، وأصقاع «الكلاكلة» التي كانت تمثل «مقر القيادة العسكرية» للجنرال «فاولينو متيب» نائب القائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان..!! { وحدة راسخة.. أو انفصال (كامل) بحدود.. وجمارك وجوازات سفر.. وإقامات.