٭ لا تقتصر هموم ومسؤوليات المرأة - لدينا- سواء أكانت عاملة أم ربة منزل، على مهامها الفطرية مثل الحمل والولادة والإرضاع والسهر مع الأطفال ورعايتهم وتربيتهم وتوجيههم وتصريف شؤونهم وشؤون الزوج والمنزل فحسب، ولكن تلك المهام تمتد لتشمل معظم الأعباء الأسرية المعروفة التي تتحملها النسوة بدلاً عن أزواجهن في أغلب الأحيان ولأسباب عدة مردها - قطعاً- إلى سلبية بعض الرجال وعدم تقديرهم للمسؤولية. ٭ وهذه الأعباء تكون في الغالب أعباء معنوية وفي بعض الأحيان مادية تتمثل في التسوق والذهاب بالأطفال إلى الطبيب عند ضرورة المرض لا قدر الله ومتابعة مستواهم الدراسي ومعدل تحصيلهم الأكاديمي وسلوكهم وتصرفاتهم بالتعاون المباشر مع المدرسة، بالإضافة إلى ما هو معتاد من طبخ وغسيل وكي ومعالجة كل ما يتعلق بأعمال البيت سواء ما يتعلق بأعمال الصيانة والإصلاحات وصولاً إلى سداد الفواتير مثل المياه والنفايات وغيرها من المتطلبات اليومية التي لا تنتهي. ٭ والمدهش أن كل ذلك يتم بصبر وثبات وتجرد بل وعن طيب خاطر وكل ما تتمناه الواحدة منا أن يكون المقابل عبارة واحدة «يديك العافية» تخرج من بين شفتي الشريك كبادرة للامتنان والاعتذار المغلف ضمنياً عن غيابه وتقاعسه عن أداء مسؤولياته، فهل يكون لتلك المرأة الخارقة ما تريد؟!! وهل يبادر الشريك - عادة - بهذا الاعتراف الصادق بالتقدير والأسف لزوجته التي تقوم بدور الأم والأب والخادمة «والمدرسة» معاً؟!! ٭ معظم الرجال - هنا - يكابرون ويترفعون عن الاعتراف بالتقصير أو إبداء بعض الامتنان والمشاعر الطيبة على الرغم من أن كل الدراسات والملاحظات والمشاهدات والتجارب أكدت أن مسألة تقسيم المهام داخل المجتمع ككل تتم دائماً لمصلحة الرجل، وأنه في تراجع مستمر عن القيام بالواجبات المنوطة به إزاء بيته وزوجته وأولاده أو حتى تجاه أسرته الكبيرة ووالدته ووالده أحياناً، وأن الرجل محظوظ بالقدر الذي يوفر له دائماً من يقوم مقامه في ما هو مفروض عليه، فلماذا بعد كل هذا لا يعرب عن شكره؟ وهل في الأمر انتقاص من للرجولة؟! ٭ ولكن - للأسف - ورغم هذا الظلم البين إلا أن معظم نساء مجتمعنا «الخارقات» يمعنَّ إلى جانب كل أعبائهن في إيجاد الأعذار لأزواجهن ويقمن بكل المهام وهن راضيات، ونسبة قليلة فقط هي التي تشعر بالاستياء والتذمر وترغب في شراكة زوجية حقيقية، بينما الملاحظ أن النساء الغربيات يتمتعن بالمفهوم الحضاري للشراكة حتى على صعيد رعاية الأطفال الصغار، والزوج الغربي لا يرى غضاضة في الجلوس مع طفله الصغير ومداعبته ورعايته داخل المنزل بينما تذهب والدته إلى العمل أو إلى زيارة اجتماعية أو حتى لقضاء بعض الوقت الخاص مع صديقاتها، فهو يعلم تماماً أنها إنسان مثله يحتاج لبعض الترويح والارتياح والإحساس بالتعاون وبعض الحرية المنضبطة، علماً بأن تلك الرعاية تشمل تغيير «الحفاظات» وإعداد الرضعات وتحمل الصراخ غير المبرر، كل ذلك عن اقتناع كامل من هذا الزوج بأن الأبوة ليست مجرد لقب شرفي ولكنها إحساس وممارسة وليس بالضرورة أن تكون المشاركة في أعباء الحياة فعلاً حضارياً يبرع فيه الغربيون وننظر له نحن بعين الاستهجان فإرثنا الديني الحنيف يشتمل على العديد من الإشارات والدلالات التي تؤكد وتحث على فضيلة التعاون والتواضع ولكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته مع زوجاته وأهل بيته أسوة حسنة يا أبناء آدم. ٭ تلويح: لو بنظرة.. لو بهمسة.. قول «كتَّر خيرك».