في الأخبار أن رئيس حزب الوفد المصري السيد البدوي شحاته طالب بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل وهي المعاهدة التي وقعها عن الجانب المصري في 26/مارس/1979م الرئيس الراحل محمد انور السادات وعن الجانب الإسرائيلي رئيس الوزراء مناحيم بيجن في حضور الرئيس الامريكي جيمي كارتر وتحت رعايته. ورد على هذه المطالبة وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الدكتور مفيد شهاب قائلاً:«إن ذلك قد يكون زلة لسان لأن إلغاء المعاهدة يعني قيام حالة الحرب من جديد بين تل ابيب والقاهرة». وإن كان إلغاء المعاهدة يؤدي فعلاً إلى عودة حالة الحرب بين مصر واسرائيل .. واذا ما كان مصر فعلاً ليست مستعدة للحرب فإنه ليس من المصلحة ولا من الحكمة إلغاء المعاهدة .. وهو كلام لا يعجب كثيراً من القوى السياسية داخل مصر وخارجها. وقد كانت لحزب الوفد في عهد رئيسه الاسبق مصطفى النحاس تجربة شهيرة في إلغاء المعاهدات إذ وقع مع بريطانيا معاهدة 1936 ثم ألغاها هو نفسه عام 1951م قائلاً:«لأجل مصر وقعت المعاهدة ولأجل مصر ألغيتها» وكان قرار النحاس بالغاء المعاهدة في عام 1951 قراراً شجاعاً جريئاً لا يصدر إلا من زعيم قوى واثق من نفسه ومن التفاف شعبه من حوله .. ورغم أن الطرف الآخر من المعاهدة اي بريطانيا كان لا يزال قوة عظمى ولها ثمانون الف مقاتل على شاطئ قناة السويس إلا أن الغاء المعاهدة لم يؤد إلى نشوب الحرب بين مصر وبريطانيا وربما كانت هذه الحقيقة في بال رئيس حزب الوفد الحالي السيد البدوي شحاتة .. لكن الظروف تغيرت ورغم ذلك ولأنه لا مستحيل في السياسة فمن الجائز ان تلغي معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وأية معاهدة أو إتفاقية دون ان يستلزم ذلك العودة إلى حالة الحرب! وكان حزب الوفد أيام النحاس وقبله سعد زغلول هو حزب الحركة الوطنية المصرية وكان حزب الاغلبية وكان حزباً علمانياً ضم في رحابه المسلمين والاقباط وفي وقت من الاوقات كان سكرتيره العام قبطياً هو مكرم عبيد وكان معظم قيادييه كاريزميين. وخلال مسيرته الحافلة تعرض حزب الوفد لكثير من النكسات والانشقاقات واللطمات وكان اعنفها قيام ثورة يوليو 52 التي ألغت الاحزاب وكان في المقدمة منها حزب الوفد واستطاع النظام الجديد ان يحقق خاصة بعد تأميم قناة السويس في يوليو 56 شعبية واسعة جارفة وكان حزب الوفد هو الخاسر الاكبر فقد جاءت تلك الشعبية على حسابه ثم اعيدت الاحزاب منها الوفد اواخر السبعينات وتولى رئاسته فؤاد سراج الدين ويحاول رئيسه الحالي البدوي شحاتة استرداد تلك الشعبية او جزء منها وهو صيدلي مليونير يملك قنوات الحياة التلفزيونية وجريدة الدستور لكنه يفتقر إلى كارزيزما اسلافه سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين.