تكبَّدتْ المشاق وهي تأتي إلى مباني الصحيفة في هذا الطقس الحار الخانق لتترك لنا خطابا رقيقا به أوصاف لا نستحقها، وتساؤلات ذكية تحتاج منا لإجابات وافية كافية، وفوق ذلك هدية رقيقة لكاتبنا المفضل العقاد وهو كتاب خواطر في الفن والقصة الذي تخلو منه مكتبتنا المنزلية الخاصة أطلقتْ على نفسها نعت القارئة النهمة، وأنا أسميها - بقليل من المثابرة والاجتهاد - كاتبة المستقبل الجميل، فكما يقول المثل العربي: (هذه العصية من تلك العصا) فأسلوبها الجيد السبك ينبئ عن ذلك، وأنا حقيقةً أقسي شيء عندي هو شكر من يستحق أكثر من الشكر.. فالشكر الممزوج بعميق الامتنان لك يا شاحذة الهمم، فأنا أحسست وأنا أقرأ رسالتك باكتمال رسالتي في الحياة حينما عرفت أنني كنت يوماً ما سبباً في سعادة أحد، سواء أكان ذلك بطبي أوبأدبي، وسأرد على تساؤلاتك بمجيء الأسبوع المقبل (إن أمد الله في الأجل.. وأبعد عنَا إبر الحياة والكسل).. وأترك القراء مع رسالتك الثرة النبيلة، وأقول عن عبارتك المكتوبة على ظهر الخطاب (أرجو نشر رسالتي وعدم رميها بسلة المهملات) اطمئني نحن ب(الأهرام) ليس لدينا سلة مهملات؛ لأننا صحيفة وُلدت من رحم القراء، وتغذت من مشيمة تواصلهم، وستنمو تحت رعاية نقدهم وملاحظاتهم. بسم الله الرحمن الرحيم إلى آخر الأطباء المثقفين الطبيب الأديب الفيلسوف د. وليد شريف (حفظه الله ذخراً للسودان والطب) أطالع باستمرار صفحتك الطبية والتي اعتبرها، دون مبالغة، أفضل صفحة طبية على نطاق كل الإصدارات العربية (طبعاً في السودان لا يوجد لها منافس ولو من قريب)، وما يجعلها تبدو كذلك، من وجهة نظري المتواضعة (وأنا قارئة نهمة جداً)، صراحةً أول مرة أرى صفحة طبية يجتمع فيها الطب والأدب والفلسفة في مزيج رائع من الجمال اللامتناهي، وهي ريادة تُحسب لك ولصيحفة (الأهرام) التي فاجأتنا بها مفاجأة سارة جميلة جعلتنا نعرف لماذا تحتل هذه الصحيفة صدارة الصحف السودانية؛ فهي تتوشح بنوط الجدارة والامتياز في اختيار منسوبيها من الكُتّاب، ولكن تبقى هنالك عدد من التساؤلات التي أود أن أطرحها عليك في مساحتك الوارفة (أمصال وإبر): أولاً: لماذا لا تزداد المساحة الممنوحة للصفحة الطبية، فهي بكل المقاييس تمثل الثقل الأكبر للصحيفة؟ ثانياً: لماذا لا يكون عمودك «أمصال وإبر» (وأنا احتفظ بكل مقالاتك القيمة)، لماذا لا يكون هذا العمود من الأعمدة التي نطالعها يومياً بالصحيفة، فهو يحكي أسلوبا صحفيا رفيع الثقافة والموهبة والقدرات؟ ثالثاً: قرأت أن شعار الصفحة الطبية هو (أن الصحة هي المجتمع)، لماذا لا تكون هنالك جمعية أصدقاء الصفحة الطبية، وأنا سأكون من أول أعضائها، تشارك الجمعية في برامج الصفحة المنفتحة على المجتمع مثل الندوات والقوافل الصحية وبرامج التوعية للمشاكل الناتجة من جهل المجتمع (كالعادات الضارة مثل ختان الإناث والتطعيم، ...؟) رابعاً: أتمنى استمرار الصفحة بنفس هذه القوة، وألاّ يأخذك الطب في هدير أعبائه، فنحن ننتظر منك الكثير الكثير. وأخيراًَ: أتمنى لك دوام الصحة والعافية، وأهدي لك كتاب من آثار كاتبك المفضل العقاد (الذي جعلتني أبحث عن كتاباته)، وهذه الهدية لتوضح لك أن هنالك أناساً أنت سبب سعادتهم سواء أكان ذلك بطبك أو بأدبك، ويقدرون ما تقوم به من مجهود جبار في خدمة الآخرين وحفظك الله ذخراً للوطن فأنت أحد ثرواته. القارئة النهمة: رشا إسماعيل