(٭) الرجل الأخضر.. «ود المأمور» { هو «مصطفى عبد الماجد إبراهيم ود المأمور»، تقول شهادته الجامعية إنه مهندس زراعي كفء أحرز البكلاريوس في مجاله من جامعة الإسكندرية في أواخر السبعينيات، وربما هذا ما جعله بارعاً في هندسة دواخلنا وصبغها بالخضرة والنضار والجمال. يُعرف لدينا نحن المستشعرين «بالرجل الأخضر» فهو حقاً أخضر القلب واليد واللسان. كما يعرف «بصاحب الحروف والزهور» لأنه برع في المزج بين باقات الورد وقصائده المنمقة التي يفوح شذاها وكأن كل مقطع فيها حزمة من الأزاهر. { هو أب وصديق وإنسان استثنائي، شاعر وإعلامي وإذاعي ومهندس، يتفق الجميع على بشاشته ولباقته وحسن معاملته وطلاقة وجهه، وربما لم أسمع حتى الآن بمن رآه يوماً مكفهر الوجه وقد فارقت ابتسامته الدائمة شفتيه، ولست هنا اليوم بصدد الحديث عن تجربته الشعرية وتقييم مستواه الأدبي أو المهني الاحترافي لأنني غير مؤهلة تماماً لذلك، ولكنني وددت أن أنحني احتراماً لانحيازه الواضح لشريحة الشباب الواعد سواء أكانوا جماعة من الفنانين أم الشعراء، وتعتبر تجربته مع شباب الساحة الفنية تأكيداً جازماً على أن الشباب الواعد بألف خير وأنهم قادرون على تذوق الجمال والنُبل في النصوص الشعرية وتقديم أعمال هادفة وأنيقة بعيداً عن الإسفاف والابتذال كما هو سائد من اعتقاد جائر. { وقد سنحت لي الفرصة مؤخراً بحضور ليلة الوفاء والتهنئة التي أقامها منتدى الخرطومجنوب الثقافي العريق بقيادة الأستاذ «حسن علي عمر» في مبادرة جميلة للاحتفاء بعودة الأستاذ «مصطفى ود المأمور» من رحلته العلاجية الأخيرة إلى خارج البلاد سليماً معافى، وكلنا يتمنى له تمام الصحة والعافية فبعودته معافى عادت للشعر عافيته وعاد صدقه وسلاسته. { وقد شارك في المنتدى «أبناء ود المأمور» من الفنانين الشباب معربين عن امتنانهم وتقديرهم لأستاذهم، ومنهم الفنان الواعد «فضل أيوب» والفنان «جاليلو» والجميلات الواعدات جداً «أريج الربيع، منار صديق، إنصاف فتحي ورفيعة إبراهيم» وكلها أسماء بدأت تتردد بقوة في الساحة الفنية مؤخراً، وتعتبر أعمالهم التي شارك فيها ود المأمور بالكلمات من أبرز وأهم أسباب نجاحهم لا سيما أغاني الأم التي هي في الأصل مخطوطات نادرة في وصف العلاقة المقدسة والحميمة بين الأستاذ ود المأمور ووالدته الأستاذة خديجة بت مصطفى «رحمها الله»، تترجم برّه بها وحبها العظيم له، ومنها أغنية السيرة الرائعة التي كتبتها المرحومة خديجة لابنها في زواجه الميمون من الدكتورة منى إسماعيل، وهي المرأة العظيمة التي وقفت بلباقة وحكمة وراء هذا الرجل القلق المبدع ليكون بهذه العظمة والنجاح، وقد قالت خديجة بت مصطفى يومها: (سيرتك ساروا بيها.. وغنولك أرام.. بشّر فيني وأقدل بالسيف الحسام)، ليساجلها ابنها يوماً بقوله الذي يستدر الدموع ويفطر القلوب: (أمي كسرتنا وقمحنا).. (وما لأنك إنتي أمي.. بس لأنك إنتي فينا زي تلاوة الليل وفجرو بتهدي للقلب السكينة)، ورائعته (ما في أحنّ من أمي). وأحسب أن ارتباط ود المأمور بأمه ووفاءه لها هو السبب المباشر في نجاحه وجمال روحه ويراعه الأخضر وكل هذا الشجو والشجن الذي يقطر من حروفه والندى الذي يتوج زهوره، وهو الذي لا يتوانى عن مساعدة الجميع بمنتهى التجرد والإنسانية ليفتح لهم أبواب المجد والسوانح الذهبية، ومنهم أنا والحمد لله. { تلويح: (يا.. يا.. يا وفي).