على التيارات الشعبية التي تنتهج القيم الوطنية توعية الفئات التي سارت في طريق الكفر بالوحدة، حسم سلفاكير الجدل ووضع صوته في صندوق الانفصال ليطيح في مشهد كارثي بكل الأماني والأحلام في بناء وطن متحد متجاوز للمحن، متناسياً وصية الأجداد بصون الأرض والتراب. مسنوداً بدعم قوى غاشمة بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أبانت انحيازاً واضحاً للانفصال واتجاهها بنقل العدوى لدارفور وغيرها من المناطق في اصرار لأنهاء دولة المليون ميل مربع لتصبح دويلات صغيرة غير ذات أثر ليسهل افتراسها والانقضاض على ثرواتها. أمريكا تسعى للأطاحة بالسودان بتوجيه ضربة قاصمة له وللأسف الشديد تجئ هذه الضربة من أبنائه الذين وقعوا في براثينها دون أن يدركوا خطورة فعلهم.. فأمريكا هي الرابح الأكبر من تجزئة السودان بأنهاء وحدته وطمس هويته. مليون ميل مربع في ذمة التاريخ حضارة وثقافية وعرقيات ولهجات وشعارات وأغنيات، تمازج وتداخل تعايش دون فواصل أو حدود ستذهب إلى غياهب التاريخ هذا ما سعت إليه الولاياتالمتحدة خاصة في الخمس سنوات الأخيرة التي أحالت فيها السودان إلى حالة أشبه بحالة الامبراطورية العثمانية في نهاية عهدها عندما أُطلق عليها في ذلك الوقت رجل أوروبا المريض. مطلع العام المقبل ستتقلّص المساحة وتنقص الثروة ويقل عدد السكان.. لوحة قاتمة ترتسم على مستقبل هذا البلد الجريح في وحدته بتشتت أبنائه في وقت كان المفروض أن يكون زمن النمو والتماسك.. فالوحدة كانت حلماً وتبدد. وما يريده الاستعمار يأتية على طبق من ذهب والتعهدات التي التزمها الشريكان عند توقيع الاتفاقية في يناير 2005م وكانت في مقدمتها الإيمان بقضية وحدة والتزام بواجباتها، ذهبت أدراج الرياح! المؤلم أن عدوى الانفصال انتقلت من بعض دعاة الانفصال إلى مستويات القيادة العليا في الحركة الشعبية بقيادة سلفاكير الذي أبان وجاً غير ذلك الذي كان ينادي به للوحدة، فإذا به ينقلب على عقبيه ويبتلع كل وعوده لينطق أمام العالم كله بانفصال الجنوب عن الشمال. ولم يقف به الحد عند ذلك، بل أنه يستعجل النتائج ويتعامل وكان الأمر قد وقع فعلاً مُجهزاً بذلك على كل الأماني في وحدة وطنية، بل أنه قام بتقديم السودان في طبق من ذهب للمستعمر بشكله الجديد الذي يطمح ويطمع، وثمّة من في الداخل يعينه على تحقيق مراده دونما أن يأبه لما قد تتعرض له بلده من تشنيع ومضايقات وكل أنواع الفظاعات بسبب التفكك ليتيح للمستعمر الجديد اغتصاب الأرض! ومما يزيد النيران أشغالاً عدم الاهتمام بالنتائج. هذه الظاهرة الخطرة وهذا التوجُّه الشاذ يمكن أن يكون تحت حدود المعالجة على الأقل في المحافظة على التيارات الشعبية التي لم تتخل عن إيمانها الوطيد بالقيم الوطنية والقومية الجامعة لكل فئات الشعب، تيارات شعبية متوازنة تنتهج القيم الوطنية يعهد إليها توعية الفئات التي سارت في طريق الكفر بالوحدة وثنيها عن التخلي عن قناعتها التي تمسكت بها عبر تدخلات أجنبية تجئ في مصلحة القوى الشيطانية التي باتت تهدد مصيرنا. هذه التيارات يجب أن تكون قانعة بإبقاء السودان كما هو، وذلك بتعزيز عوامل الوحدة في ما بين أبنائه وأولها قضية الجنوب التي كانت وما تزال وستبقى هي الامتحان الأول لأمان السودان والهدف المرحلي ينبغي أن يتركز على عبور المرحلة القادمة بسلام بالإبقاء على وحدة البلاد.