أكبر أعدائي الذباب، والكلام الغامض ! نبدأ ب (الكلام الغامض)، وآخره كلام ابن عمنا أوباما، الذي فاجأنا أول أمس بتصريح لا نعرف أهو (جزرة) أم (عصا) ؟! أوباما قال إن السودان أصبح في أعلى أولوياته ! والرجل كان واضحا في التبرير، حيث أشار إلى أن اهتمامه بالسودان، يأتي بسبب توجسه من عشعشة الإرهاب في حال نشوب الاضطرابات والحروب في السودان، وبالتالي امتداد هذا الإرهاب لتهديد مصالح بلاده (أمريكا) ! لكن الغموض المربك، يأتي من معنى ارتقاء السودان لأعلى اهتمامات أوباما، فالاهتمام الأمريكي له أوجه متعددة، ومتناقضة، فهناك اهتمام أمريكا بإسرائيل، الذي جعل من تل أبيب قوة قادرة على هزيمة أكثر من مائة وخمسين مليون عربي، وهضم حقوقهم، وهز كبريائهم، والتفوق عليهم علما وتقنية وقوة وحضارة. وهناك، في المقابل، اهتمام أمريكا بالصومال، وبأفغانستان، وبالعراق، وقبل ذلك اهتمامها بالاتحاد السوفيتي، ولا أظن أن أحدا يحتاج لشرح ما ترتب على كل ذلك الاهتمام من آثار !! بتلك المعادلات البسيطة، يصبح وجود السودان في قمة أولويات أوباما .. أمرا يمكن الفرح به، ويمكن وضع الأيدي في القلوب .. توجسا منه ! وبصراحة .. يصعب على الكثيرين .. عربا ومسلمين وعالما ثالثا الاطمئنان من أي (اهتمام) أمريكي بهم، ورغم أن احتمال الخير لم ينعدم من التصريح الغامض، لكن معظم عقلاء السودان، يتضرعون بأن تكف أمريكا عن اهتمامها ببلادنا .. خيرا أو شرا، مع استعداد للحليفة بالطلاق .. بأن السودانيين لا يريدون أن يكونوا مصدرا لإرهاب أمريكا أو غير أمريكا، وأن كل مطامحهم في هذه الدنيا .. أن يعيشوا في سلام، وأن يأخذ المواطن السوداني نصيبه العادل من الحضارة، والحياة الكريمة، وأن تجد بلادنا المناخ الملائم لنساهم مع البشرية كلها .. في ازدهار الحياة والارتقاء بها في كوكب الأرض. أما العدو الآخر، والذي يشكل أكبر أعدائي، فهو كما قلت الذباب. فكلما رأيت ذبابة، زرقاء أو سوداء أو خضراء، توجست خيفة، وشعرت بخطر ماحق يطير حولي، ويتهدد صحتي وحياتي ومن أحب، بالتبخر والفناء ! آخر انتصارات الذباب، اختراقه الكامل لكل دفاعات الصحة الاتحادية والولائية بالخرطوم، لتسقط حالات بالمئات، وربما بالآلاف ضحية التايفويد .. في ولاية الخرطوم ! لا نريد التحدث عما لا نعرف، فلا أحد يدري ضحايا التايفويد خارج العاصمة، سواء في كادقلي، أو سنكات، أو كريمة، أو الرنك، لكننا على الأقل نعيش في الخرطوم، ونسمع أخبار القاطنين بها، والتي تؤكد بشكل قطعي، أن الذباب قد نقل التايفويد للخرطوميين .. سواء في الكلاكلات وأبو آدم، والصحافات، أو في الحاج يوسف والخوجلاب وديوم بحري، أو في الأمبدات والثورات .. وحتى المهندسين ! باختصار، انفرط العقد الصحي في العاصمة، والجهات الصحية الاتحادية والولائية متشرنقة، ولا يجرؤ مسؤول فيها على الإقرار بأن العاصمة موبوءة بالتايفويد، وأن كل ذبابة طائرة .. زرقاء أو خضراء أو سوداء .. تشكل مشروعا طائرا للمرض الخرطومي الداهم ! الذباب والكلام الغامض ألد الأعداء .. فمن يحمينا منهما .. يا واشنطن .. ويا خرطوم ؟!!