عمل سائقاً لبنطون توتي لسنوات قبل قيام الجسر الذي أحاله وزملاءه للمعاش،اختزن في ذاكرته التي شهدت حوادث مُفزعة ومُروّعة الكثير والمثير عن حياة البحر، ولم يستطع نسيانها. إنه الفاتح عيسى محمد من أبناء توتي قال إنه بعد أن ترك عمله بالنقل النهري مؤخراً عمِل سائقاً لإحدى الرّفاسات الأهلية قُبالة جزيرة توتي. وأبان أن للبنطون والرّفاس فضل كبير في إحياء وتطوير جزيرة توتي. ففي عهده أُنشئت المراكز الصحية والمدارس، وحتى الجثامين تُنقل به مجاناً. وحول عمله سائقاً لبنطون توتي قال: كنا نشتغل ثلاث ورديات، فالبنطونات تعمل منذ الستينيات ثم ظهرت الرّفاسات وهي بدورها ساعدت أكثر فقد كان يوجد حوالي (15) رفاساً قدمت خدمة كبيرة لمواطني توتي ولم يكن باستطاعة النقل النهري تقديمها. { مواقف صعبة في البحر وحول أصعب المواقف التي واجهته وبنطونه في عرض النيل متجهاً صوب الخرطوم، قال ناداه الريس عبر المايكرفون وهو يقول له (Stop) وتعني أفصل الماكينة ولم يكن باستطاعته معرفة ما يدور في الخارج ففعل ما أمره به وهو بجوار ماكينة البنطون في الأسفل، وأردف أنه سمع أصوات استغاثات فإذا بالريس يأتي إليه ويقول أخرج هنالك كارثة!! وعندها لم ير شيئاً سوى أحذية وعمم وطواقي سابحة في (البحر) والناس يظهرون تارة ويختفون تارة أخرى داخل الماء، حدثت تلك الحادثة قبل قدوم العيد بثلاثة أيام في الثمانينيات وما حدث أن الفلوكة غرقت واستطاعوا أن ينقذوا منها (18) شخصاً من جملة (21) شخصاً، وأضاف: «كنا نمد إليهم الكنب ثم نرفعهم إلى البنطون وأذكر في تلك الفترة أن شخصاً من مواطني توتي يُدعى يوسف بدوي كان له الفضل في إنقاذ هؤلاء الأشخاص من بينهم فتاة جامعية لم يتبق من جسدها سوى شعر رأسها طافحاً على الماء فأمسكها منه وقام بإنقاذها وإرجاعها لذويها. وعندما علم والدها بهذا الأمر قال له لا يمكن مكافأتك سوى أن أزوجك إيّاها فاتضح لوالدها أنه متزوج ولديه أبناء)، وأردف العم الفاتح أن تلك (الكارثة) ظلت عالقة بذهنه حتى يومنا هذا. ويقول مواصلاً حديثه إنه منذ إنشاء كبري توتي فقد تشتّت زملاؤه وهنالك من توقّف رزقه بالرغم من أن الرزق على الله، ولكنه يرى ضرورة إيجاد بدائل لكل من خدموا بجزيرة توتي وكل من كان له الفضل في حركة الرّفاسات والبنطونات، ووجّه لومه للجنة الخدمات واللجنة الشعبية بتوتي فكان من الضروري تقدير عمل كل من سهروا الليالي والأمطار فوق رؤوسهم والذين قضوا فصل الشتاء وهم في عرض البحر لخدمة الناس حتى ولو بتكريمهم بشعارات وشهادات.