{ أحزنني كثيراً أنه ومع خضم الأحداث السياسية العديدة والجري وراء الجنوب وحدةً أو انفصالاً والتراشق هنا وهناك بما لا يفيد الشعب السوداني في شيء؛ أننا قد نسينا أو تناسينا ذكرى رحيل ابن الوطن الغيور الشريف زين العابدين الهندي الذي لولاه لما أوتي أُكُل التحول الديمقراطي الذي تشهده البلاد وينعم بخيراته السياسية الكثيرون هنا وهناك. فمبادرة الهندي هي أنبل وأصدق من نيفاشا؛ فمبادرة هذا الرجل الكبير الإنسان جاءت بما يشتهيه السودانيون جميعاً يساراً أو يميناً ووسطاً، أما نيفاشا فجاءت بغير ما تشتهيه الأنفس بحق وحقيقة. { وقد أحزنني أيضاً تأخر التأبين عن مواعيده نسبةً لعدم توفر المال، وحسناً أن استدرك الأمر فتية كرام هم شباب المركز العام الذين ترعرعوا على أيادي القائد النزيه الراحل المقيم الشريف زين العابدين الهندي الذي خرج كما عرفناه أبيض الجلباب وترك شباباً يعضون على الجمر ويقطعون من قوتهم اليومي لكي تحيا هذه الذكرى العظيمة التي عجز عن إقامتها أنصاره الذين تقلدوا المناصب ولولا مبادرة الهندي لما كانوا في العديد من المواقع. فلماذا نسى البعض هذه الذكرى المحفورة والمحفوظة في ذاكرة كل سوداني؟ كيف لا والحزب الاتحادي الديمقراطي، سواء على صعيد السيد محمد عثمان الميرغني أو الراحل الشريف أو الفصائل الأخرى، يظل هو الكيان السياسي الوحيد الذي له قبول من جميع الأحزاب في الساحة السياسية. { ولقد حكى لي أحد شباب الحزب الذين عرفناهم صدقاً منذ أن عرفنا مبادرة الهندي هو الأستاذ معاوية عبد الله، حكى لي عن الجهد الذي بذلوه للاحتفال بهذه الذكرى لإحيائها من جديد بعد أن نساها أو تناساها أقرب الأقربين. ومما زاد الحديث مرارة قال لي للأسف الشديد لم يحضر هذا الحفل من القيادات إلا واحد والذي اكتفى بالخروج سريعاً. وقال لي الأستاذ معاوية بصريح العبارة: «لا توجد مسببات لأن يكون هؤلاء مفقودون». وبالتالي لازلنا نتساءل لماذا لم يشارك الدستوريون في حفل تأبين قائد الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي أجلسهم في هذه المواقع، بل المسؤولين بالدولة أيضاً، ومع العلم أن في الذكرى الأولى لرحيله كان حفل التأبين وقتها مقاماً في قاعة الصداقة وأن الثاني والثالث تم في جنينة الشريف زين العابدين، وكانت تحضره كل الدولة، لكنه أُقيم هذه المرة في المركز العام بدار الخريجين بمنطق لابد مما ليس منه بُد. { ولكن ومع كل ذلك فالاحتفال كان منظماً وخرج بصورة مشرفة بحضور وجوه نيرة ومتحدثين لبقين عركوا السياسة وعركتهم ممن بدأوا هذا الخط مع الراحل المقيم الشريف زين العابدين الهندي أمثال د. نوري الأستاذ الجامعي والأساتذة جمال عنقرة ومالك حسين ونادوا بوحدة الحزب الاتحادي الديمقراطي حتى تخرج البلاد من النفق الضيق الذي تمر به. { وتبقى كلمة حق نقولها إنه إذا كان الجنوبيون يحتفلون بذكرى رحيل جون قرنق كل عام فمن الواجب علينا كشماليين ألاّ نجعل هذه الذكرى تمر مرور الكرام ألا وهي ذكرى رحيل الشريف زين العابدين الهندي.