{ الشعب السوداني ليس سرباً من (الببغاوات)، ليحاكي غيره من الشعوب، فإن تظاهرت تظاهر، وإن استكانت استكان. { إنَّ الدعوات إلى التظاهر التي يتبادلها هذه الأيام بعض الشباب في الخرطوم عمداً.. أو جهالةً، محاكاة لما يحدث في «تونس» و«مصر»، ما هي إلا (سذاجة) سياسيَّة، و(براءة) طفوليَّة، يتغطى وراءها العاجزون والخبثاء في تحالف المعارضة الهزيل.. { بالله عليكم.. إن لم تكن (سذاجةً) فهل ينتظر الشعب السوداني (تغييراً) من أولئك الذين تجمَّعوا بالأمس بالقرب من محلات (الآيسكريم) و(take away) بشارع (واحد) بالعمارات..؟! { هل تظنُّون أنَّ الشعب السوداني مثل الإخوة في «تونس» يصبح ويمسي على صفحات ال (Facebook) .. بلا (شغلة) ولا (مشغلة)؟! { التونسيُّون ظلوا يعانون الحرمان من حق التعبير - أيِّ تعبير - حتَّى التعبير عن التديُّن بلبس (الحجاب) عند النساء، على فترات طويلة، لم تبدأ بحكم «زين العابدين بن علي» في العام 1987م، بل سبقته كثيراً إلى خمسينيَّات القرن المنصرم بُعيْد الاستقلال في العام 1956م، يوم أن حكم الرئيس «الحبيب بورقيبة». { نحن في السودان لا نعاني حرماناً سياسيَّاً ليقودنا إلى التغيير (شباب الفيس بوك)، أو مرتادو محلات الآيسكريم في فصل الشتاء، أو الطلاب (الجهويُّون) المنضوون تحت ألوية حركات التمرُّد في دارفور بالجامعات؟! { الشعب السوداني أكبر وأوعى وأذكى من أن تقوده هذه الفئات عديمة الخبرة، فاقدة التجربة، إلى (المصير المجهول)، تماماً كما أحرقت (زعامات الورق) العنصريَّة إقليم دارفور منذ (8) سنوات عجاف، ثم فرُّوا إلى «باريس» و«لندن» و«تل أبيب» و«طرابلس» و«كمبالا» و«جوبا»، تاركين أهلهم نازحين.. ولاجئين.. بالملايين في معسكرات البؤس والشقاء..!! { «السودان» ليس «تونس» .. ولا يشبه مصر، فالإخوان المسلمون ممنوعون ومحظورون من ممارسة العمل السياسي في شمال الوادي لسنوات طويلة، بينما (الإخوان) حاكمون الآن في السودان تحت واجهة (المؤتمر الوطني)..! { «السودان» ليس «تونس»، ففي بلد الزيتون حكم الرئيس «بن علي» بقوَّة الحديد والنار ولم يحارب شعبه - فقط - بل حارب الله سبحانه وتعالى ورسوله عندما قرَّر منع (الحجاب)، حيث برَّر وزير التعليم في حكومة الرئيس (المخلوع) القرار بأنَّ الحجاب (لباس طائفي قادم من الخارج)!! والغريب أنَّ (مانع الحجاب) لم يجد دولة تجيره بعد هروبه من «تونس» غير (دولة النقاب).. المملكة العربيَّة السعوديَّة.. ومليكها خادم الحرمين.. كبير العرب وحكيمهم.. شفاه الله. { على أحزاب المعارضة في السودان أن تكون أكثر شجاعة، فلا تتخفَّى وراء من تسمِّيهم (الشباب)..!! .. أيُّ شباب؟! من يمثلون.. وما هي مطالبهم؟! { هل يطالبون بمعالجة أزمة الغلاء في الأسعار؟ أم يطالبون برحيل (النظام)، كما نادى المصريُّون؟! { إذا كانوا يطالبون بمعالجة أزمة ارتفاع الأسعار، فإنَّ أيَّ خروج إلى الشارع يُحدث فوضى تتلقَّفها قنوات الفتنة، وعلى رأسها (الجزيرة)، ومن ثمَّ يرتفع سعر الدولار مرة ثانية مقابل الجنيه، مثلما حدث في مصر، فترتفع الأسعار مرَّة، وثالثة وعاشرة.. والخاسر الأول والأخير هو المواطن (الغلبان). { إذا كان المطلب الأساسي هو (إسقاط النظام)، فإنَّنا لا نعتقد أن ما يُسمَّى (تحالف قوى الإجماع الوطني) هو البديل المناسب و(المحترم) لحكومة (المؤتمر الوطني)، مهما بلغت أخطاء الأخير. { إنَّه تحالف متهالك.. وقادته تجاوزهم الزمن.. وتخطَّاهم التاريخ.. تحالف تواطأ مع (الحركة الشعبيَّة) ونفَّذ معها كل مخطَّطات التمزيق وسيناريوهات الخديعة باسم (التحوُّل الديمقراطي).. إلى أن كشفت عن وجهها القبيح.. وجهها العنصري المشوَّه.. (99.57%) لصالح الانفصال!!! { إنَّنا لن نستبدل سيِّئاً بأسوأ.. ولن نستجير من الرمضاء بالنَّار.. ونحن أيضاً (شباب).. وتأثيرنا على الشارع أكبر بكثير من تأثير (الفيس بوك) وقادة أركان النقاش في نواصي الجامعات ومناضلي (الكي بورد) في المنتديات العنكبوتيَّة. { نحن من (شباب) هذا البلد، ولن ننقاد عمياً للجبناء ولدعايات (الجزيرة) الصهيونيَّة.. فلماذا لا تحدِّثنا (الجزيرة) بالصورة عن ما يحدث في قاعدتي (السيلية) و(العيديد) الأمريكيتين، بينما (تتفسَّح) كاميراتها في خلاء دارفور ؟! لماذا لا تنقل لنا قناة الرأي والرأي الآخر ما قالته وثائق و«يكيليكس» بشأن قاعدتي الاحتلال الأمريكي في «قطر»؟! أم أنَّها راعية للحريَّات في السودان ومصر واليمن وتونس فقط، وساكتة عن (قواعد) الاحتلال العسكريَّة في (قطر) وصديقاتها؟! { قال (شباب) .. قال..!! عودوا إلي بيوتكم.. أو إلى مقاعد الدراسة.. هادئين سالمين.. فهذه البلاد لا تحتمل المزيد من الجراح.. ولن يداوي جراحها رجل الأعمال «مبارك الفاضل» ولا العجوز «فاروق أبو عيسى» ولا المترف المدلَّل في باريس «عبد الواحد محمد نور».