نعم هنالك اعتراف رسمي بالاحتكار والتهريب لسلع تعتبر من السلع السيادية أو قل السياسية.. فالاحتكار عندما يكون في يد قلة معدودة فإن ذلك سيؤدي إلى خرق سياسة التحرير التي انتهجتها البلاد منذ (1990) ومن ثم دخول السلع المحتكرة إلى مخازن التجار والسماسرة ثم التحكم في الأسعار و(قبض) السوق من (تلاببيه)، فالبلاد انتهجت سياسة التحرير والتي كان لها (القدح المعلي) في تحرير السلع من قبضة التجار وحينها خرج التجار من السوق و(ماتت) أسماء كان بارزة في السوق السوداني. الآن عاد (الاحتكار) رغم أن هنالك قانونا يسمى قانون (الاحتكار) .. أيضاً هناك سلع يتم تهريبها وتصدر من دول أخرى ربما يعاد تصديرها للسودان تحت مسمى (صنع في ..)، التهريب شمل الآن السكر والصمغ العربي والقطن، فالسودان كان حتى وقت قريب يتربع على سوق الصمغ الغربي عالمياً ولكنه الآن خرج وبدأنا نتحسر على خروجه لنبدأ من الصفر ومن المربع الأول لنعيد أسواقنا التي فقدناها بفضل السياسات الخاطئة.. وكما هو معروف فإن العودة إلى السوق العالمي تتطلب منا الكثير (وقتاً وجهداً ومالاً وإقناعاً) فمجلس إدارة شركة الصمغ العربي الجديد برئاسة د. عبدالعظيم ميرغني بعد أن ذهب د. منصور خالد يجب أن يضع في الحسبان بأن الصمغ العربي سلعة إستراتيجية تستطيع أن توفر الكثير من الإيرادات لخزينة الدولة وذلك في إطار سياسة الدولة الرامية للإرتقاء بالصادرات غير النفطية. يجب أولاً إغلاق منافذ التهريب والارتقاء بالانتاج والمنتجين فشجرة الهشاب ما زالت معطاءة فهذه الشجرة هي نفسها التي كانت تنتج أكثر من (80%) من إنتاج العالم في مجال الصمغ .. كان السودان بفضل الله ثم شجرة الهشاب يأتي في المرتبة الأولى تليه نيجيريا ثم تشاد .. الآن أين نحن من نسبة ال80%؟ فقد سمعنا وقرأنا الكثير عن الصمغ ومجلس الصمغ ومجلس إدارة الشركة وفك الامتياز والمزايا الصحية والغذائية التي يوفرها الصمغ ودعوة د. عصام صديق للاتجاه للصمغ لأنه علاج لمرضى (الكلى). فدكتور عبدالعظيم ميرغني الذي يتولى الغابات هو الآن رئيس لمجلس إدارة الصمغ الجديد ..فالغابات ذات علاقة وطيدة مع الصمغ فهو يعرف أين يكمن الإنتاج؟ وكيف يمكن أن يتم تطويره؟ وقبل ذلك كله عليه أن ينبه إلى الخلل وأن يتعرف على المهربين.. فالتهريب الذي يتم الآن سيقلل من الانتاج وبالتالي ستضيع الإيرادات التي كنا نحلم بها ونحن في أمس الحاجة لها خاصة إذا حدث الانفصال .. فالبترول نسبة كبيرة منه ستخرج وستتجه للانتاج لحين التوسع الزراعي والذي هو خطة طويلة الأجل .. بمعنى إذا أردنا أن نكتفي ذاتياً من الحبوب فإن ذلك بحاجة إلى وقت ولكن الصمغ لا يكلفنا كثيراً سوى (الفأس) التي يحملها المنتج في يده وهو يمارس (الطق). فلابد من تكامل الأدوار لنقضي على الاحتكار والتهريب فالمسئولية تضامنية ما بين الأمن الاقتصادي والجمارك والمسئولين إزاء السلع (المهربة) والمحتكرة .. فيجب أن (نفتح أعيننا) (لنتأكد) من وصول سلعة السكر للولايات التي ليس بها مراكز للتوزيع كولايات الشمالية وغرب وشمال دارفور .. ف (20%) من السكر يتم تهريبه لدول الجوار. أيضاً الأقطان تهرب خاصة (القطن المطري) .. فالأقطان حتى وقت قريب كانت تغذي الخزينة وتملأ جيوب المزارعين من المال. إذاً ماذا (دهانا) و(أصابنا) ونحن نشاهد التهريب؟ من يحمي سلعنا الإستراتيجية ذات العائد الكبير المجزي؟ من يستطيع أن يطور الانتاج ويرتقي به لنمزق الكثير من الفواتير؟ من يهيئ بيئة الاستثمار .. الاستثمار الكبير وليس (الهش)؟ فلدينا إمكانيات مذهلة بحاجة إلى رؤوس الأموال من أجل الاستفادة منها وبعد ذلك حمايتها حتى لا نخرج من دائرة الإنتاج .. فالحماية عن طريق فتح باب الصادر في حالة الوفرة وعن طريق الأسعار التركيزية والتشجيعية رغم سياسة التحرير .. فسياسة التحرير لا تعني الفوضى بأي حال من الأحوال.