{ قد تختلف أحزاب تحالف المعارضة مع السيد الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة القومي وإمام الأنصار، وقد ترى - كما جرى «أمس» على لسان القيادي بالمؤتمر الشعبي المحامي «كمال عمر» - أن تصريحات (الإمام) بشأن خطورة نقل النموذجين «التونسي» و«المصري» إلى السودان، (أربكت قواعد المعارضة، وأنها لا تمثل (التحالف) بل تخص حزب الأمة القومي وحده). لكن الحقيقة التي يجب ألا نتجاوزها جميعاً - حكومة ومعارضة ومراقبين - هي أن السيد «الصادق» سياسي (أمين)، و(صادق) مع نفسه وجماهيره، لا تحركه ثأرات، ولا ضغائن، ولا انفعالات لحظيّة، قد تعصف بكل الوطن، إرضاءً لذات فانية أو حزب زائل. { لو كان «الصادق المهدي» من (أهل الانفعالات) لقامت الثورة، واندلعت المواجهات الدامية بين (الأنصار) وقوات الشرطة، ساعة الاعتداء على كريمته الدكتورة القيادية بالحزب «مريم الصادق المهدي» التي أصيبت يدها خلال مخاشنة مع أحد الضباط، قبل أسابيع قلائل. { مَنْ منكم - القراء الأعزاء - ومنّا - جميع أهل السودان - يقبل الاعتداء على ابنته، مهما كانت الظروف، فيلزم الصمت، والهدوء، ويلحق بها في المستشفى، ثم يهدئ ثائرة الغاضبين!! فليتخيّل أحدكم هذا الموقف، أو يتذكّر موقفاً مشابهاً، ابنه الصغير، أو ابنته، جاءت تبكي بعد أن ضربها (ود الجيران)!! الحكماء - وهم قلّة - يمسحون دموعها، ويرددون (معليش.. معليش أنا بعدين بدقُّو ليك..)، لكنهم - الحكماء - يشعرون، رغم ذلك، بالحنق والضيق، حتى من تصرفات الصغار (أولاد وبنات الجيران).. أليس كذلك؟! { السيد «الصادق المهدي» لم يجعل من (الحبّة قبّة)، لم ينفخ على نار (الغبينة) الشخصيّة داخله، أو في دواخل أنجاله، وبينهم ضابطان بالقوات المسلحة. { صفح، وتجاوز، بل إنه لبّى دعوة الرئيس «البشير» بعد أيام من ذلك الحدث، لأجل الحوار حول (الأجندة الوطنية)..! { لا أتفق مع السيد «الإمام» في بعض آرائه ومواقفه التي يضعها البعض جازماً في خانة (التردد) الدائم، والمستمر، إلى درجة أن هؤلاء يصفونه ب (المتردد الأعظم)! لا أتفق معه حول تضييع الوقت في تفاصيل التفاصيل، في بلاد ضاعت أعمار أجيالها سدى، فالوطن لم يعد يحتمل اشتراطات (أولاً)، و(ثانياً)، و(عاشراً)، لأنه يحتاج إلى كل (ثانية) لحل مشكلة (أولاً)، ثم الانطلاق منها إلى (ثانياً) بأعجل ما تيسر، وإلاَّ طال انتظارنا دهوراً لحل (كل) المشكلات (العشر)، فلا بلغنا (أولاً)، ولا سنبلغ (ثانياً)..!! { لكنني أؤمن، رغم هذا التحفظ وذاك الخلاف، بأن السيد «الصادق المهدي» رجل من طراز نادر في (الوطنية) والتجرد، لا يستطيع مكابر أو مغال أن يرميه بتهمة (عمالة) أو (تواطؤ) مع أجنبي، إطلاقاً.. ولهذا فإن علاقاته مع الغرب وفي مقدمته «أمريكا» ليست على ما يرام، أو هي دون التوقعات، قياساً إلى مكانته كرئيس لأكبر حزب (معارض) لنظام (غير مقبول) لدى الغربيين!! المنطق يحتم أن يكون العكس هو الصحيح، أن يكون «الصادق» وليس غيره، هو رجل أمريكا وأوربا في السودان. { (وطنية) الصادق المهدي، وارتباطه بالتراب - غض النظر عن رؤاه السياسية - في مقياسي الخاص، أعلى درجات من (بعض) قيادات المؤتمر (الوطني). { يحتاج «الصادق المهدي» إلى قيادة (ثورة التغيير) داخل حزبه بتصعيد جيل الشباب إلى القيادة أمثال (مريم، بكدّها وعرقها، و«محمد فول»، و«حسن إسماعيل» رغم معارضته (الداخلية)، وأبناء دفعتهم السياسية بالحزب، الذين كانوا قادة لمكتب الطلاب بجامعة الخرطوم، وغيرها من الجامعات في منتصف التسعينيات، فقد كانوا معارضين أقوياء، وكانوا خطباء.. فصحاء ومثقفين ومازالوا). { لكنه لا يحتاج إلى نصائح (وطنية) من قيادات ما يسمى (تحالف المعارضة) الذين (ضحكت) عليهم «الحركة الشعبية» طويلاً (فبكى) الشعب السوداني.. ومازال يبكي!!