الحوار القوى الذى أجراه الأستاذ حسن جبورة مع سعادة الفريق الطيب الجزار؛ وزير التخطيط العمرانى والمرافق العامة بولاية النيل الأبيض بصحيفة (ألوان) الثلاثاء 15/3/2011م، وقد فتح فيه سعادة الفريق النيران فى كل الاتجاهات، بمنطق وحساب دقيق، وحمّل مسؤولية تراجع التنمية بالولاية وتهميشها لعدد من الجهات فى المركز والولاية. وأكاد أجزم أن هذا الحوار، وقبله التنوير الذى قدمه سعادة الفريق للمجلس التشريعى بالولاية، قد ساهما فى وضع قطار بحر أبيض فى المسار الصحيح. لا أريد أن أكرر ما قاله سعادة الفريق ولكن لا بد من التسليم بأن ولاية النيل الأبيض تشهد تراجعاً فى التنمية وفى الخدمات وليس هناك فى الأفق ما يبشر بجديد، ويتحمل أبناء بحر أبيض فى السلطة فى المركز وفى الولاية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع فى الولاية، فالمسؤولية لا يتحملها (أبوقناية)، وإنما المستوزرون والنافذون من أبنائنا الذين لم يهتموا بقضايا أهلهم بالقدر الذى يجلب التنمية والخدمات، ويتحمل المسؤولية كذلك النواب فى المجلس التشريعى الولائى والقومى الذين انشغلوا بمصالحهم وتناسوا مصالح أهلهم أو أسكتوهم بعطايا تافهة، لا تقيم حياة ولا ترسم مستقبلاً زاهراً، ولا تحقق أحلاماً أضحت عصية إلا من نسمات قومية تمنح بحر أبيض جسراً أو مصنعاً، يشاركهم فيه القاصى والدانى، دون أن يتملكهم اللؤم الذى أصاب الناس فى ولايات أخرى وجعلهم يصرخون (دايرين حقنا). أخطر ما يتهدد بحر أبيض هو (موت الروح)، وقد أماط سعادة الفريق اللثام عن هذه الحالة وكشفها بعد أن لمسها فى نواب المجلس التشريعى ولمسها فى وزراء حكومة الولاية ومعتمديها طبعاً هناك استثناءات وقد صار كل واحد منهم لا يهتم إلا بنفسه من راتب ومخصصات وتصاديق، أما مسؤولياتهم تجاه إنسان بحر أبيض فقد ضربوا بها عرض الحائط، وبالأحرى فإنهم نسوها تماماً ولم تعد ذات أهمية وقد استعاضوا عنها بالمشاركة فى المناسبات الاجتماعية وقد أضحت هى وحدها ما ينتظرها إنسان بحر أبيض من إبنائهم المسؤولين فى الولاية والمركز. (مساكين الحاجة البسيطة بترضيهم) هذا ما يتفوه به أبناؤهم المستوزرون والمستنوبون. أضاع الحكام السابقون لبحر أبيض فرصاً كثيرة للتنمية، أبرزها مئتا مليون دولار كانت كفيلة بإضاءة القرى وسفلتة مئات الكيلومترات، وما أخشاه ألا يتعظ الحكام الحاليون بسابقيهم وتمضى السنوات دون أن يحصد إنسان بحر أبيض شيئاً، وها قد مرت سنة وهى ترحل مثل سابقاتها، وما ثورة الوزير إلا تصديقاً لما يجري وهو يرى نواب المجلس التشريعى ويرى جلبتهم وضجيجهم يمضى بعيداً عن هموم الناس ومشاكلهم وأحلامهم الصغيرة. المركز لن يأتي لأحد ولن يستمع إليك لو لم تصرخ فى وجهه وتكثر من الإطلالة وتلّح فى الطلب، فهو كما يقولون (الفيهو مكفيهو)، وقد سمعنا بأن الوالى السابق كان يتجنب مقابلة قيادات الدولة، وسمعنا أن الحالى يكثر من التسبيح فى حضرة وزير المالية الاتحادى ويترك لمدير ماليته كل الحديث وكأنه يريد أن يظهر زهده وأنه غير منشغل بالمسائل المالية. بالله عليكم ما هو هذا القدر السيئ الذى يجعل أمر بحر أبيض بيد أمثال هؤلاء جميعاً، وبهذه الروح الخربة التى لا تحرك ساكنا، يتوارثون وأدها وخرابها وحرمانها. لماذا يتوارثها العاطلون وعديمو الموهبة والنطيحة والمتردية وما أكل السبع، وبحر أبيض الأم الولود تزخر بأبناء يسدون قرص الشمس ورائعون ومبدعون، ويكفى مثالاً على تميزها أنها رفدت الساحة الإعلامية فى بلادنا ب (40%) من كوادرها فى مختلف التخصصات. حوار السيد الوزير الجزار أتمنى أن يكون بداية لعودة الروح وتصحيح مسار بحر أبيض وأن ينصلح حال الحاكمين والمشرعين بالولاية وأن ينهض أبناؤها من الوزراء والمتنفذين لإحداث ثورة حقيقية تنهض ببحر أبيض لمجدها المفترض. أن تنجز ببحر أبيض عبر شراكة مع مواطنها أسهل مما تتصورون ولكن بالروح يا سادتى.