لماذا أطلق السودانيون اسم الانتفاضة على عملية الإطاحة بالنظام المايوي التي تمت صباح السادس من أبريل 1985م بانقلاب عسكري تولى قيادته وزير دفاع النظام المايوي الفريق عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب بعد سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات والإضرابات سادت العاصمة والأقاليم ولم يطلقوا على تلك العملية اسم الثورة؟. يُخيَّل إلينا أن ثوّار أبريل 85 تحاشوا اسم الثورة لأن (ست الاسم) أي ثورة أكتوبر 1964م لم تُحقِّق ما كان مرجواً منها ثم إن بريقها سرعان ما انطفأ بوصول الأحزاب التقليدية إلى الحكم، وصحيح أنها وصلت إليه من خلال الديمقراطية أي بالانتخابات الحُرة النزيهة التي أُجريت مرتان في عامي 65 و1968م لكن الأحزاب عادت دون أن تتغير ودون أن تتطور وكأنها آل بوربون الذين لم يتعلموا شيئاً ولم ينسوا شيئاً، ثم أجهز المايويون بانقلابهم العسكري في عام 1969م على الديمقراطية وعلى شرعية ثورة أكتوبر أو مرجعيتها رغم أنهم قالوا في تصريحاتهم الأولى إن ثورتهم إمتداد لثورة أكتوبر 64 وكانوا كاذبين وهذا لا ينفي أنه كان لقائدهم العسكري العقيد جعفر محمد نميري من خلال تنظيم الضباط الأحرار دور في ثورة أكتوبر 64 كما كان لقائدهم المدني القاضي بابكر عوض الله دور مشهود في تلك الثورة. ولكن لم يكن ممكناً من الناحيتين النظرية والعملية لانقلاب عسكري وإن حمل اسم الثورة، أن يكون امتداداً لثورة شعبية آزرها تنظيم عسكري من داخل الجيش. ولم يكن الخصام بين الثوار والرئيس في أكتوبر 64م عنيفاً وحاداً بدليل أنهم وافقوا على استمراره رأساً للدولة وأدى الوزراء الجُدد اليمين الدستورية أمامه.. ولم يكن ذلك ممكناً في أبريل 85 فقد كان الخصام هذه المرة حاداً أو أنه كان سوء تفاهم بين الثوار والرئيس يتعذّر حله في المدى القريب! ولذلك لم يستمر نميري رأساً للدولة، وأصبح بدلاً منه وزير الدفاع الفريق سوار الذهب. ومع التقدير الكامل للسياسيين والنقابيين والقضاة والمحامين وأساتذة الجامعة...والخ، الذين كانت لهم أدوار مهمة في أكتوبر 64 وأبريل 85 إلا أن الدور الأهم كان هو دور الشعب وفي المقدمة منه الطلبة والشباب تماماً مثلما حدث في ما بعد في الثورات الشعبية التي انفجرت في بعض الدول العربية وتمكنت في بلدين هما تونس ومصر من الإطاحة بنظامي الرئيسين زين العابدين بن علي ومحمد حسني مبارك.