ما إن روجت النيل الأزرق للقاء يجمع بين الشاعر الكبير الدبلوماسي صلاح أحمد محمد صالح والبروفيسور أحمد محمد علي إسماعيل، إلا وضبطت منبهي على ميقاته وحفزت ساعتي البيولوجية على أن تستيقظ مذكرة إياي بالموعد، بالدقيقة والثانية، لكن رغم ذلك أجبرني التزام أسري واجتماعي مهم على ألا أكون مشاهدة له كما هيأت نفسي، وكأن الأقدار تمد لسانها لي وتسخر من حرصي وتقول الدايرو الله في الحجر لا بد يقوم! لكن رغم ذلك لم أستسلم وأخبرت كل من أعرفه أنه إذا عرف مواعيد إعادة الحلقة أو شاهدها تبث مرةً أخرى عليه أن يهاتفني و(سألبد) أمام الشاشة حتى لا ألدغ من جحر مرتين، وقد كان أمس الأول موعدي، وشقيقتي تهاتفني بأن أشاهد النيل الأزرق فوراً لأن ضالتي بها، وصدقاً هذه السهرة أعتبرها من نوع البرامج العيدية التي تتألق جمالاً في الإعداد والتقديم والمحتوى من ضيوفها الذين هم نجوم بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فالشاعر الكبير صلاح أحمد هو واحد من أساطين صناع الكلمة ومن عباقرة تجسيد المعاني وتوظيف العبارات والقوافي لخدمة القصيدة، حتى لكأنها كائن يمشي بين الناس بالخير والمحبة، أما البروفيسور أحمد محمد علي إسماعيل فهذا الرجل يستحق أن نكرمه على مستوى المهرجانات التي ترعاها وزارة الثقافة لأنه حافظ وصائن لتاريخ الأغنية السودانية، والرجل حريص على هذا التاريخ بحب وشفقة وهو مدون له من طراز دقيق، وأعتقد أننا طالما استننا سنة حميدة بتكريم الشعراء والملحنين باعتبارهم أضلعاً مهمة في مثلث الإبداع، فياريت لو أن السيد الوزير كرم هؤلاء المؤرخين لتاريخ الغناء السوداني أمثال بروفيسور أحمد وشيخنا الأستاذ ميرغني البكري. ودعوني أقول إنني التقطت معلومة مهمة ذكرها بروف إسماعيل عن تاريخ حقيبة الفن حيث قال إن الشاعر الكبير الأستاذ صلاح أحمد قد طلب من الشباب وقتها الكبار الآن طلب منهم أن يوثقوا لأغنيات البنا وخليل فرح حتى لا تندثر وحتى يضمن أن تتوارثها الأجيال، ولعله في ذلك قد أبدى سعادته الغامرة عندما شاهد أفراح عصام تغني بأداء مهول أغنية في هواك يا جميل العذاب سراني فتألقت الشابة وانتزعت ميدالية الطرب الأصيل بشهادة يحق لها أن تفخر بها حيث قال الشاعر الكبير إنه سعيد أن يسمع هذا الأداء الجميل من هذا الشباب الجميل. على فكرة من يسمع حديث الشاعر الجميل عن ضرورة أن تتوارث الأجيال الغناء يجعلنا نشعر بالفعل بحجم النكبة والنكسة التي نعيشها والبعض (ساكّي) الفنانين الشباب مش في أجهزة الإعلام كتوثيق أو حق أدبي ولكن حتى في الأعراس وحفلات التخريج مما ينطوي على فعل أقل خسائره أن يموت الغناء بموت صاحبه أو يموت وصاحبه موجود لكن قلّ عليه الطلب بلغة السوق فانقطع عن الأجيال الحالية التي لا تسمع في أكثرها إلا لأبناء جيلها ولعلي أضم صوتي إلى صوت الشاعر صلاح أحمد محمد صالح لورثة الفنان الكبير الراحل أحمد المصطفى بأن لا يتعسفوا في شروط إطلاق سراح أغنيات والدهم من أجل أن يظل أحمد المصطفى خالداً وراسخاً في دواخل كل الشعب السوداني والأكيد أنني لن أضع نقطة في نهاية السطر من غير أن أشيد بالود الرهيب سعد الدين حسن وإن كانت جماهير المريخ يوماً ما تهتف منتشية بلاعبها صلاح الأمير عقب كل مباراة (سايقها صلاح) فدعوني وعقب كل سهرة رائعة يقدمها سعد أقول (سايقها سعد)!! ألم أقل لكم أنني كدت أفوت نصف عمري؟! كلمة عزيزة السيد رئيس التحرير رجل يعشق أغنيات الحماسة ولا يقاوم إيقاعها وسبق له أن أشاد بالصوت الخطير الصادق شلقامي، أستاذنا الهندي شلقامي يلهب الحواس بأغنيات الحماسة العرضة وتلاقياً مع جعليتك أتوقع أن أشاهدك في أماسي بحري وسط حلقة البطان!! كلمة أعز نفسي ومنى عيني أن أجد سبباً منطقياً لتشبث أمجد نور الدين بتقديم فقرات خارجية لبرنامج (أفراح أفراح)، عليكم الله العارف يعرفني!! والفاهم يفهمني.