{ الفنان العملاق محمد وردي، قطع المسافة ما بين المستحيل ونور العين «بالود والحزن القديم»، فنان تجاوز عمق الأشياء وتفاصيلها إلى إمبراطور؛ حمل كل تجارب الألق في المسيرة السودانية، بثقافاتها وأدبها وفنونها ودروبها. ما أجمل أن تحمل لمسة من أنفاس وردية تظل تكمن في سريان النهر وانتظار اللهفة بيني وبين النهر عشانك عشرة بتبدأ.. وبين عيني وخد الوردة بتبقى مودة.. {المواعيد ميقات وجداني نستدعيه عندما يداهمنا القلق والتوتر وعندما يرهقنا التعب نلجأ إليه وهو يردد: من غير ميعاد واللقيا أجمل في الحقيقة بلا انتظار صحيتي في نفسي الوجود ورجعتي لعيوني النهار {عندما بدأ الفنان وردي كانت السماء تمطر أمنيات وعشقاً، وعلمنا أن الإحساس أجمل من العاطفة المشبوبة بالمحاذير والمعايير. أنا علمتك تأخدي المعنى من إحساسي وتدي معاني أنا سافرت عشانك إنت وسبت البلد ما ناسياني { رائحة الدعاش.. وقوس قزح والانتماء لكل الأزمنة، أدوات أمامنا ونحن ننتظر رحلة عصافير الخريف مع وردي والحلنقي.. رحلة عصافير الخريف في موسم الشوق الحلو هيج رحيلها مع الغروب إحساسي غلبني اتحملوا الحديث عن وردي لا تكفيه مساحة الأوراق الضيقة، فهو جزء من استمرارية الفن السوداني، وجزء من نبض الأنفاس.. لو بايدي كنت طوعت الليالي كنت ذللت المحال والأماني الدايرة في دنياي ما كانت خيال هكذا دوزن مع (سماعين) ود حد الزين قدرية الأشياء. واذكر أن أبونا الشيخ الراحل البرعي، عندما أنشدوا أمامه هذه الأبيات أجاب أنها توحيد. دي الإرادة والمقدر ما بنجد ليهو بديل هكذا كان وردي يقدم قيمة الفن بإحساس إيماني صادق تجوس في محرابه الرياحين، والنفحات ترسل عطر الروحانيات والعشق المطلق. لم يكن إلا لقاء وافترقنا كالفراشات على نار الهوى جئنا إليها واحترقنا.. هي أجمل تعبير لمعاني الفرقة التي تحترق بنيران الهوى، وأجمل إحساس صادق قدمته الأغنية كمبرر لفلسفة البعد الوجداني والصبابات والمكابدة. {سرقتني اللحظة وأنا أدخل رياض أغنية هزمت الممكن وأفردت للجمال مساحة في طيات المتاح.. عيوني بالدمعات وحيله.. اسمحيلا تشوف عيونك اسمحيلا وعندما يختم الأغنية نصل إلى منبع الروعة حيث تستنجد الريح بالصبية.. يا صبية الريح ورايا خلي من حضنك ضرايا { كل هذا الجمال المترع الساكن في وجداننا والصادر من حنجرة فرعون الغناء السوداني كما وصفه أستاذنا الراحل حسن ساتي، تقابله نبرة حزن والأنباء تتواتر إلينا بملازمته للسرير الأبيض بالدوحة بعد إجرائه عملية جراحية في أذنه تكللت بالنجاح. كل الأمنيات لفنانا الكبير محمد وردي، بموفور الصحة والعافية، وعمراً مديداً بإذن الله.