يرى النقاد والمختصون في مجال الغناء والشعر والموسيقى أنه بعد منتصف تسعينيات القرن الماضي تفشت ظاهرة النساء المغنيات وارتفعت أعدادهن مع مدخل الألفية الثالثة إلى سبعة أضعاف بالنسبة للعدد المتعارف عليه حتى عام 1995م بجميع ولايات السودان. وأرجع هؤلاء هذا الظهور الكثيف دون تقييمه إلى صعود الجيل الجديد من الآباء وأولياء الأمور إلى سدة المسؤولية بأسرهم ومعظمهم نال حظاً جيداً من التعليم والثقافة جعلهم يتفهمون أنه من حق البنت الموهوبة أن تقدم إبداعها كيفما شاءت دون حجر. فتقبلت الأوساط الغنائية أنواعاً من المغنيات تخرجن في المدارس الثانوية والجامعات وبعضهن نلن الدرجات العلمية الرفيعة فتغيرت النظرة إلى المطربة بعد أن كانت مطربة دلوكة لم تنل قسطاً من التعليم وليس لديها آفاق لتطور نفسها فتظل تحيي الأعراس والمناسبات الأخرى حتى يتقدم بها العمر لتصبح مرجعاً للقادمات الجديدات على ذات النهج. ولكن النقاد توجسوا من أن 90% من المغنيات في الساحة اليوم حتى من المتعلمات ليس لديهن علاقة بعالم الغناء وإنما اعتمدن على الشكل الخارجي و(الميك أب) والاكسسوارات وساهمت الصحافة الفنية في التعريف بهن عبر الصور الملونة بالأحجام الكبيرة فأصبحن أسماء فقط في رؤوس الناس دون غناء معروف أو عطاء يذكر، مما قلل من حماسة بعض الموهوبات ذوات الجمال العادي أو دونه في التقدم للأمام بعد أن بدأت ملامح معايير اعتماد المطربة واضحة والحكم للجمهور وهي أنها لا بد أن تكون جميلة جداً وذات قوام أخاذ ولا يهم صوتها أو ماذا تغني. وساعد انتشار الوسائط «إذاعات قنوات فضائية مسارح منتديات» في إظهار هذا الكم الهائل من المغنيات بمسمياتهن المقترنة بالأحياء غالباً أو بمفردات عامة ملفتة، مما حدا ببعض رجال الدين مؤخراً بالشكوى الصريحة من تمدد الغناء والموسيقى بصورة يصعب معها إعادة الشباب إلى الطريق القويم، على حد قولهم. نعود للمغنيات الجدد اللائي لا ترسخ أغنية واحدة لهن في الذاكرة بعكس جيل عائشة الفلاتية، منى الخير، مهلة العبادية، فاطمة الحاج، أم بلينا السنوسي، ثنائي النغم، مروراً بالبلابل، سمية حسن، عابدة الشيخ، حنان بلوبلو، منال بدر الدين، حنان النيل، آمال النور، أسرار بابكر، نبوية الملاك، ندى القلعة، سميرة دنيا، تومات خيري، خريجات نجوم الغد، فإن هؤلاء الجديدات أسهمن في رفع أسعار الكريمات بالبوتيكات بعد أن شغلن الفتيات بالاجتهاد وتقليدهن، ودون ذلك فإنهن كما قال النقاد لا علاقة لهن بالغناء ونسأل الله أن يزوجهن زرافات ووحداناً عاجلاً غير آجل.