ونحن نحتفل باليوم العالمي للمتاحف علينا أن نتذكر بأن السودان ملئ وغني جداً بالآثار والمتاحف وله تاريخ جليل يحكي عظمة الماضي والمستقبل الجميل. نعم سوداننا وتاريخنا جميل ولكن للأسف الشديد مهمل جداً جداً ولو أعطى نسبة ضيئلة جداً من الاهتمام لكان السودان الدولة رقم واحد في مجال السياحة. والسياحة إذا تم توظيفها التوظيف الأمثل لامتلأت خزينة البلاد بما لذ وطاب من العملات بشتى أنواعها وحينها سنعلن الاستغناء عن البترول ونقول إن السودان يعتمد بعد الله سبحانه وتعالى في دعم الإيرادات على السياحة. الآن آثارنا وتاريخنا دفن بالرمال ولم يبق من الأهرامات سوى رؤوسها أما بقية الجسد فهي تحت الأرض مات واندثرت بعد أن دفنت بالرمال. أقول هذا وفي خاطري تلك الصورة المحزنة جداً وأنا أزور أهرامات البجراوية والنقعة فعندما تأهبت لزيارتها كان الحماس يحيطني من جميع الاتجاهات وكانت الفرحة تغمرني لكوني سأزور تاريخ السودان الجميل ولكن عندما وصلتها اصابني الإحباط وأنا أشاهد التاريخ تحت الرمال، حاولت أن أزيح «التراب» أو الرمال من على أحد الأهرامات لكي أقرأ التاريخ المكتوب على باب الهرم ولكني فشلت فكلما أحاول أن أزيل الرمل تأتي تلال أخرى من الرمل بقوة كبرى لتدفن ما تبقى وحينها خفت على نفسي من أن أدفن بالتراب تحولت إلى هرم آخر عسى ولعل أن أعرف هوية هذا الهرم وإلى أي عهد من العهود يعود تاريخ هذا الهرم أيضاً، وجدت الرمال على هذا الهرم أكثر بكثير من الهرم الأول.. وقلت يا سبحان الله تاريخنا ليس في الحجارة كما قال الشاعر وإنما على الرمال وكثباتها.. فالتاريخ المنحوت على الحجر يؤكد أن الحجر جزء أصيل من التاريخ ولكن عندما يكتب على الرمل فإن الرمل ذاهب مع الريح، لذا فإن التاريخ يذهب كذلك مع الرمل والرياح.. فهذه هي حكايتي مع أهرامات البجراوية. فحكايتي هذه لم تتوقف مع البجراوية ولكنها امتدت شمالاً حيث جبل البركل.. هذا الجبل العملاق الذي يحوى معظم تاريخنا القديم وجدته كذلك قد طالته يد الإهمال رغم أن النفق الداخلي للجبل يمتد حتى «دنقلا العجوز» فلماذا لا نستفيد من هذه الأشياء ونجسد أشياءنا. أين وزارة السياحة؟ وأين الآثار والمتاحف؟؟ ولماذا لم نزل الرمال عن الأهرام ونعين حراسنا عليها حتى لا تتعرض للسرقة فمعظم التاريخ السوداني سرق وحول إلى تاريخ دول أخرى. أيضاً أهرامات مروي ونوري طالها الإهمال ومن هنا أدعو «وحدة تنفيذ السدود» للاهتمام بهذه الآثار خاصة وأنها أي «أهرامات مروي ونوري» في الطريق الذي يقود إلى سد مروي وكما تم إنشاء مطار دولي على أحدث طراز بمروي ومستشفى كذلك فلماذا لا تهتم الوحدة بأمر التاريخ السوداني الذي يتمركز في مروي ونوري والبركل حيث الجبل الشامخ؟. شوف جبل البركل ثبوت وفي الحجار تاريخنا منحوت. فعلينا أن نبدأ من الآن بالاهتمام بأمر السياحة والآثار والمتاحف لتكون نواة كبرى في دعم الإيرادات، وعلينا أن «نعين» من «يجيدون» معرفة التاريخ ليقدم شرحاً وافياً للزوار الذين «يقصدون» التاريخ السوداني، فهنالك ترهاقا الذي دفن بأهرامات نوري وتلك القصص الجميلة التي تحكى بالمائدة السودانية التي تعرف عليها ترهاقا قبل أن يأتي للسودان عن طريق مصر عندما طلب من أعوانه أن يمدوه بمعلومات عن السودان والمائدة السودانية وعندما تعرف عن الكرم السوداني عن طريق المائدة المستديمة جاء إلى السودان مسرعاً ومكث بها إلى أن لقي ربه. فلماذا لم نستفد من هذه الإمكانيات، فدولة مصر لديها اهتمام كبير بالسياحة بعد أن عينت شباباً يشرحون لك كل كبيرة وصغيرة عن التاريخ المصري.. فلنبدأ من الآن بالاهتمام بأمر السياحة وأن لا ننسى بأن التاريخ السوداني ملئ بالمعلومات التي تعين طالب الماجستير أو الدكتوراه لتقديم رسالة مميزة جداً جداً وكل عام والمتاحف بخير.