} في تطور مثير، عادت ولاية جنوب كردفان إلى الحرب مرة أخرى بعد الأحداث التي وقعت بمنطقة (أم دورين)، وداخل مدينة (كادقلي) حاضرة الولاية، وجاءت هذه الأحداث بعد أن اتجهت الولاية خطوات إيجابية نحو الأمام وأجريت فيها الانتخابات - تبادل فيها الطرفان الاتهامات - إلا أن الولاية عادت مجدداً إلى الحرب. } الاثنين الماضي السادس من يونيو وفي أعقاب اشتباك عنيف اجتمع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بمدينة كادقلي، واتفقا على إزالة مظاهر التوتر والتمسك باتفاقية السلام وإدارة حوار حول كل القضايا المختلف عليها، إلا أن الأحداث استمرت في عدد من مناطق ولاية جنوب كردفان، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تواصلت الاشتباكات وإطلاق النار العشوائي في مدينة كادقلي بجنوب كردفان إلى أمس الأول الأمر الذي جعل قيادات المؤتمر الوطني تتهم الجيش الشعبي بتنفيذ اغتيالات وتصفيات نفذها ضد بعض قيادات حزبهم بالولاية. } في غضون ذلك كشفت مصادر صحفية أمس الأول عن هروب رئيس الحركة الشعبية ومرشحها لمنصب والي جنوب كردفان، عبد العزيز آدم الحلو، وعدد من قيادات (الحركة) من مدينة كادقلي متجهين صوب جبل (كلموه) ولم يعرف بعد ما إذا كان الحلو يخطط لتمرد جديد ينطلق من المدن الكبرى بالولاية أم أنه يسعى إلى خلق واقع جديد من خلال التفاوض الذي يمكن أن يحدث بين الشريكين؟! } في السياق أكد رئيس الحركة الشعبية في شمال السودان، مالك عقار، وأمينها العام، ياسر عرمان، رغبتهما في تحقيق سلام ومشاركة الجميع في ترتيبات دستورية جديدة للشمال بعد انفصال جنوب السودان في يوليو المقبل، وقال عرمان في تصريحات صحفية إن قضية أسلحة الجيش الشعبي قضية جادة تتطلب الحوار وطرح بدائل والوصول إلى ترتيبات أمنية جديدة، مؤكداً أن المسألة لا يمكن التعامل معها كنزهة أو كفض مظاهرة ل(تلاميذ المدارس)، بينما أعلنت الحركة الشعبية بجنوب كردفان في بيان سابق لها أنها لن تبادر بالعداء وتسعى للحوار والسلام، ولكنها في المقابل لن تقبل الوصاية وستدافع عن نفسها. } القوات المسلحة من جانبها أكدت على هدوء الأحوال في كادقلي، واعتبرت ما حدث ب(أم دورين) وبعض المناطق الأخرى بالولاية لا يعدو كونه أحداثاً فردية. } بالنسبة للحزب الحاكم فقد اتهم مجموعات متفلتة بالوقوف وراء الأحداث واصفاً إياها بالفردية والمعزولة وأن الجهات المختصة تمكنت من احتوائها، يأتي ذلك في وقت ما زالت فيه المعارك مستمرة في عدد من المناطق. } رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي دعا إلى إيقاف إطلاق النار الشامل وتشكيل مجلس قومي انتقالي لاحتواء أزمة جنوب كردفان، مقترحاً أن يقوم المجلس المكون من الشريكين والقوى السياسية بالاتفاق على إقامة المشورة الشعبية لتحديد نصيب الولاية في السلطة والثروة ومنحها صلاحية ذاتية في الحكم على أن يجلس العقلاء بعدها لوضع نظام جديد. } الخبير الأمني العميد (م) حسن بيومي اعتبر ما يجري أمراً مدبراً ويسير بخطوات متسارعة، وأبان أن الذي يؤكد ذلك أن الأحداث بدأت بمنطقة أبيي وتحولت بعدها إلى ولاية جنوب كردفان، وأرجع بيومي الأحداث التي اندلعت بالمنطقة إلى الآثار السلبية للانتخابات، ووصفها بأنها عملية مدبرة من الداخل والخارج وتوقع أن تهدد هذه الأحداث الأمن والسلم الأفريقيين بالمنطقة في حالة استمرارها بهذه الكيفية } بيومي كشف ل(الأهرام اليوم) أن المعلومات تشير إلى تصاعد واستمرار قوات (يونميس) التي تتبع للأمم المتحدة في المنطقة، مشيراً إلى أن الأحداث إذا استمرت بهذه الوتيرة فإن قوات الأممالمتحدة ستتدخل بموجب الفصل السابع وهو ما يعضد فرضية ال(مخطط)، واتهم بيومي الحكومة السودانية بأنها لا تمتلك معلومات كافية عن المنطقة محمّلاً إياها مسؤولية تأخير تنفيذ الترتيبات الأمنية، وشدد على ضرورة زيادة التغطية الأمنية ورفع درجة الاستعداد والاستطلاع الأمني والاستخباراتي من الأجهزة الأمنية واستخدام الجدية في الأمر، وأضاف أن وتيرة الأحداث مرتفعة، مشيراً إلى أن هذا الأمر ليس من مصلحة البلد مطالباً الحكومة بأن تتخذ قرارات مستعجلة ووضع الترتيبات الأمنية ضمن الأولويات، وكشف بيومي عن وجود أجندة خارجية وداخلية في أحداث جنوب كردفان، وطالب حكومة جنوب كردفان بأن تقوم بواجبها، وأضاف أن الخرطوم مطالبة بتعزيز القدرات القتالية في المنطقة وزيادة العمل الاستخباراتي وتعزيز القدرات العسكرية والأمنية في المنطقة التي اعتبرها تعاني من مخطط لزعزعة الأمن بها. }أما مسؤول قطاع جنوب كردفان بالمؤتمر الوطني، جلال تاور، فقد أبان أن الأحداث التي وقعت بالمنطقة تعتبر جديدة عليها، ولم تحدث حتى في فترة الحرب وقبل التوقيع على اتفاقية السلام، وأوضح تاور في حديث أدلى به ل(وكالة السودان للأنباء) أن قطاع جنوب كردفان بالمؤتمر الوطني في حالة حراك واتصالات دائمة لوضع ترتيب، مشيراً إلى الجانب السياسي، الذي اعتبره معنياً بإجراء الاتصالات السياسية وإحداث التهدئة والمحافظة على اتفاقية السلام الشامل، مؤكداً أن الجانب الأمني مسؤولية الدولة والمؤسسة العسكرية في بسط سيادته ومنع حدوث أية حالة اعتداء على المواطنين بأي حال من الأحوال. } تاور أكد على أن المنطقة خاضعة للترتيبات الأمنية وهي جزء من اتفاقية السلام الشامل، وأبان أن الترتيبات الأمنية بالمنطقة شاب تنفيذها بعض النقص وعملية الدمج التي لم تتم في موعدها، وإذا تمت لكان بالإمكان إزالة الجفوة الموجودة بين القوات المسلحة وجنود الجيش الشعبي في القوات المشتركة، وقال إن المطلوب الآن إجراءات أمنية كاملة تمنع تفجر الأوضاع الأمنية، موضحاً أن الترتيبات الأمنية هي مسؤولية مشتركة ما بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. } خلاصات تاور تصب في إفادته: «إذا تم الالتزام بالجدول الزمني لما وقعت هذه الأحداث المؤسفة»، مبيناً أن قوات الحركة الشعبية في المنطقة تشعر بالإحباط بعد اختيار الجنوبيين للانفصال وعدم توفيق أوضاعهم الأمر الذي اعتبره جزءاً من الاتفاقية، وزاد: «الآن الناس بتدفع في ثمن التأخير»، وطالب تاور بأن تجتمع مؤسسة الرئاسة بشأن الجيش الشعبي فضلاً عن اللجان المشتركة لوضع الحلول المناسبة له بحيث لا تخل باتفاقية السلام الشامل بما يكمل تنفيذ بروتوكول جنوب كردفان وبند الترتيبات الأمنية لإيجاد حل وفق الأطر المرسومة لها، وشدد على ضرورة الاتصالات والتفاوض وجاهزية القوات المسلحة للتصدي لأية قوة معتدية أو حاملة للسلاح خارج المناطق المحددة لها مع استمرار الحوار، وقال إنهم كأبناء منطقة يقودون الآن مبادرة لحل هذا الإشكال حتى لا يتضرر المواطنون في المنطقة، وأردف: «لأن أرض المعركة وسط أهلنا» بالتالي لا بد من تدخل عاجل وفق الإمكانيات المتاحة لنزع فتيل الأزمة، وقال إن المبادرة الأهلية تشمل كافة ألوان الطيف السياسي، مشيراً إلى أنها ترتكز على التجرد وطرح القضايا بجدية والنظرة الموضوعية ومواصلة الجهود والحوار مع الأطراف المعنية. } من جهته اعتبر الخبير العسكري اللواء (م) عبد الرحمن مرسال أرباب ما يحدث في المنطقة خرقاً لاتفاق السلام الشامل التي كان هدفه الأساسي إيقاف الحرب!! } مرسال في حديثه ل(الأهرام اليوم) أفاد بأن وجود قوات عسكرية مجهولة غير تابعة للشمال أو الجنوب هو أمر خطير، مبيناً أن هناك قوات خارجة عن نص الاتفاقية، معتبراً أن هذا هو الذي أدى إلى انعدام الأمن بالمنطقة والاضطرابات التي حدثت بها، وأرجع أرباب الأحداث التي اندلعت بالمنطقة إلى إفرازات الانتخابات الماضية وعدم قبول الحركة الشعبية بنتائجها الأمر الذي اعتبر أنه كان من المحفزات وسبباً في الأحداث التي حدثت بالمنطقة، فضلاً عن اقتراب انفصال الجنوب وخروج الحركة الشعبية من الشمال الأمر الذي اعتبره عجل باندلاع الأحداث التي كانت تريد (الحركة) أن تعيد بها التوازن بالمنطقة، وأشار أرباب إلى وجود أصابع أجنبية في الأحداث التي اندلعت بالمنطقة وخصوصاً من قبل الحركة الشعبية، وأضاف: «إذا لم يحسم هذا الأمر نتوقع تكراره في (النيل الأزرق وأبيي) مرة أخرى»، وقال أرباب إن الأحداث التي وقعت في جنوب كردفان تتطلب عملاً سياسياً وعسكرياً لمعالجة هذه القضية، مبيناً أن استمرار الأزمة يمكن أن يعجل بتدخل الأممالمتحدة بموجب الفصل السابع في المنطقة، مشيراً إلى وجود رغبة للأمريكيين لأن يتدخلوا في الشريط الحدودي بين الشمال والجنوب، وأضاف أنهم يريدون تدخل قوات (الأفريكوم) في هذه المنطقة، وأبان أنه خلال هذه الأحداث فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد أن تحقق هدفها: غياب الأمن يعجل بحضور (الأفريكوم)..!!