اشتراط تكريم الإنسان بالعقل يلزمه بأن يضعه في مقدمة كل فعل يقوم به، ولو عاطفياً. وعطفاً عليه فإن أمر الإيدز واختراقه العظيم لأسباب الإنسان، يجعلنا شهوداً على موازنة العقل جيداً، للخروج بحل يضمن العاطفي والعقلي معاً. هي معادلة صعبة، لكن منظمة (نوافذ الخير) تحاول - ولهم بإذن الله أجرها الكبير- تسهيل المهمة بما يخرجه القائمون عليها من رسائل توعية عبر كتيبات تسهم في تقليل الفجوة الماثلة بين العقلي والعاطفي. التعاطف أو القسوة على مرضى الإيدز هو مجمل ما حوته رسالتان مطبوعتان ومعنونتان ب (الرؤية الإسلامية في مواجهة الإيدز) و( نيران الإيدز تحرق شباب العالم، فمن المسؤول؟) وهي دراسات للدكتور الأردني (عبد الحميد القضاة) الاختصاصي بتشخيص الأمراض الجرثومية والأمصال. الرسالتان تبحثان بأسلوب علمي/ ديني، السبل الناجعة لتجنب ومحاربة مرض الإيدز. كما تتناولان منهاج التثقيف الجنسي في المدارس المعتمد من منظمة الأممالمتحدة، التي تعرف الثقافة الجنسية بأنها: (توفير معلومات كاملة ودقيقة عن السلوك الجنسي الإيجابي المأمون والمسؤول، بما في ذلك الاستخدام الطوعي لوسائل الوقاية الذكرية المناسبة والفعاّلة بغية الوقاية من فيروس الإيدز) - وثيقة بكين - والإيدز كمرض يتعامل معه الناس على أنه عاقبة أخلاقية أكثر منه فيروسات مرضية تقتل مناعة النفس قبل الخلايا. فتتخذ كثير جداً من الدول العربية، الإسلامية، سبلها في محاربته من خلال الدين والعفّة المجتمعية بحسب التقاليد والأعراف. لهذا لا يجد برنامج الأممالمتحدة للتثقيف الجنسي رواجاً إيجابياً، بل يدخل في كثير من المغالطات العاطفية، والسياسية والطبية، دينياً وعقلياً. بتعقله العلمي والديني، يحاول (د.عبد الحميد القضاة) إثبات قدرة المنهج الإسلامي في مواجهة مرض الإيدز، من خلال دراسة (الرؤية الإسلامية في مواجهة الإيدز) : إنّ الحفاظ على الجسد من أهمّ أهداف الإسلام ومن أهمّ سبل القوة التي يقول عنها النبي عليه السلام (المؤمن القوي خيّر وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف)، لذا فإنّ أهم الفروق بين المنهج الإسلامي وسياسات الأممالمتحدة في علاج وباء الإيدز تنحصر في أن المنهج الإسلامي يعمل على تجفيف المرض ومعالجة مصادره ومحاصرة شروره، بينما سياسات الأممالمتحدة تحافظ على منابعه بالدفاع عمّا يسمى (حقوق الشواذ والحريات الجنسية). وعبر موجهات ندوة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية حول رؤية إسلامية للمشاكل الاجتماعية لمرض الإيدز تتلخص رؤية المنهج الإسلامي لمحاربته في التوصيات العلمية التي خرجت بها: بأن العدوى بالإيدز لا تحدث بالمعايشة، ملامسة وتنفساً واشتراكاً في الأكل والشرب، أو بالحشرات... إلخ، إنما بالاتصال الجنسي بأي شكل كان، ونقل الدم الملوث ومشتقاته، واستعمال المحاقن الملوثة، لا سيما لمتعاطي المخدرات، والانتقال من الأم المصابة إلى جنينها، وبناءً عليه فإنّ عزل المصابين من التلاميذ أو العاملين وغيرهم ليس له ما يسوغه علمياً ولا دينياً! ثانياً إن تعمّد نقل العدوى بأية صورة من الصور يعد من كبائر الذنوب والآثام (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)- المائدة آية 33. وحكم إجهاض الأم المصابة لطفلها، وحضانتها له إن كان سليماً، وحقوق المعاشرة الزوجية إذا كان أحدهما مصاباً، وأخيراً، اعتبار الإيدز مرض موت، شرعاً، إذا اكتملت أعراضه وأقعد المريض. إن قواعد منظمة (نوافذ الخير) ترتكز بحسب ما يصلنا من إصداراتها - مشكورة عليه - على ما ينفع الناس في كل مجالات الإنسانية وبنشرها لمثل هذه الدراسات والإصدارات - بغض النظر - عن الاختلاف او الاتفاق معها، تؤسس لعاطفة عاقلة في التعاطي مع المشكلات ومعالجتها بشكل غير متطرف، يمكن أن يجعل من مجتمعنا مجتمعاً إيجابياً بمسؤوليته ومأموناً بحراسته!