بعيداً عن الجغرافيا والخطوط الكنتورية وتحركات الفاصل المداري وخط الاستواء والتوقعات والمعدلات المناخية وبعيداً كذلك عن علم «الفلك»، بعيداً عن كل هذا علينا أن نراجع أنفسنا عن عدم نزول الغيث وأن نبتهل إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع بأن ينزل الغيث وأن ندعو الله وأن نلجأ إلى الاستغفار والله سبحانه وتعالى يقول على لسان نوح عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (وقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا). صدق الله العظيم. وقال تعالى في سورة الواقعة «أفرأيتم الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون، ولو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون».. صدق الله العظيم، فالاستغفار يجلب الرزق والمال والبنين ويؤدي إلى نزول الغيث.. ليس الغيث العادي وإنما الغيث المنهمر المدرار فتحركات الفاصل المداري والمعدلات المناخية كلها بيد الله سبحانه وتعالى (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين). فعند حدوث الجفاف يجب أن نرجع لما قلت ونراجع أنفسنا ونلجأ إلى صلاة الاستسقاء.. الآن السودان بحاجة ماسة إلى تحريك طاقاته الإنتاجية وهو يمر بهذه المرحلة المفصلية في تاريخه بعد أن ذهبت ربع مساحته لدولة جنوب السودان.. فالطاقات التي تعطلت بعد النفط يجب إعادة تحريكها وإعادتها إلى دائرة الإنتاج. فالأرض إذا اهتم بها تجود ولا تبخل فالعودة إلى الأرض فضيلة أو كما قال شيخ المزارعين الأمين أحمد الفكي وهو يحث القيادات بضرورة العودة إلى الأرض والزراعة، وما دام أن هنالك تحركاً رسمياً من أجل تحريك القطاعات الإنتاجية والتي من بينها وأهمها القطاع الزراعي لا بد كذلك من توفير كل المعينات التي تؤدي إلى تحريك هذا القطاع.. فالزراعة مال+ معينات+ مواقيت. فالزراعة المطرية ستخرج هذا الموسم ونحن نعاني شح الأمطار لذا لا بد من التوسع في القطاع المروي، خاصة إذا علمنا بأن المساحات التي تزرع بالمطري تعتبر «كبيرة جداً»، فالتوسع الذي حدث الموسم الماضي أدى إلى زيادة الإنتاجية خاصة في محصول الذرة، الأمر الذي دعا القائمين على أمر البلاد إلى فتح باب الصادر ولكن أقول هنا لا بد من إيقاف الصادر لأننا حتماً سنواجه بضعف الإنتاجية في ظل المتغيرات المناخية اللهم إلا إذا جاد الله سبحانه وتعالى علينا بالغيث المنهمر. افتحوا من الآن مخازن المخزون الاستراتيجي «وأملأوها» بالذرة وغيرها من المحاصيل التي فاضت لنستفيد منها في وقت الشدة «سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات».. نسأل الله أن يديم للسودان استدامة السنبلات الخضر وذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. فالسودان مر بامتحانات كثيرة جداً (فالمؤمن مصاب) فتضرعوا إلى الله استسقاء حتى تخضر الأرض وتمتلئ الحقول والضروع.. فالأمطار نعمة يحبها جداً أهل الزراعة ولكن لأهلنا في الشمالية لديهم معها طرائف.. فالشمالية تمتاز بالطقس الصحراوي وشبه الصحراوي ولكن عندما تتلبد السماء بالسحب ويطلق الرعد أصواته ويضيء البرق كل الأماكن حينها يتخوفون على النخيل وما يحمله من ثمار تمثل لهم عصب الحياة الاقتصادية ويرددون: يا محادي شيلا (غادي) يا (أبو قدوم) ابلعها و(قوم) ويقصدون بكلمة (غادي) مناطق الزراعة المطرية ولا أدري بماذا يقصدون بكلمة (أبو قدوم) هذه ليبتلعها.. وآخرون يرددون: حولينا ما علينا وأيضاً (حولينا) هي مناطق الزراعة المطرية وليس على أراضيهم أراضي النخيل. وعموماً فإن الأمطار هي خير وبركة ومنها يستجيب الله للدعاء.