{ في المخابرات قد يتم استخدام شخص ليضطلع بدور قد يجهله وهو ما يطلق عليه الاستدراج الاستخباري ودائما ما يقع فيه الأغبياء أو الطامعون والطامحون ويقوم رجال المخابرات بالحرص على إجراء جلسات راتبة مع المستدرجين في شكل (ونسة) دون أن تظهر أي أجهزة أو معدات تسجيل أو تصوير أو تدوين للبيانات أمام الشخص المستدرج ولا تتم مقاطعته، فقط يتركونه يسترسل وبالتأكيد أن (ألبرتو فرنانديز) القائم بأعمال السفارة الأمريكيةبالخرطوم يحمل معه جهاز تسجيل ربما يكون أحد الأقلام التي يحملها معه إلى مثل هذه الجلسات أو أحد أزرار الجاكت الذي يرتديه وعندما يعود إلى مكتبه يقوم بتفريغ كل ما سجله من إفادات للسيد أسامة داؤود وللسيد الدكتور علي قاقارين ومبارك الفاضل وغازي سليمان ومنصور خالد وعرمان ومن ثم إرسال تقرير مفصل، نسخة منه إلى وزارة الخارجية وأخرى إلى المخابرات (CIA) ومن المؤكد أن الوثيقة (المجلجلة) في شخوصها ومضمونها لم يكشف عنها بعد. { حظ السودان العاثر من عمليات الكشف الأخير عن وثائق ويكيليكس مجموعة من الوثائق، الأولى منها كانت للسيد أسامة داؤود رجل الأعمال المعروف وقد انتقد الرجل الطريقة التي تدير بها الحكومة الاقتصاد والثانية للسيد علي قاقارين أيد فيها السياسة الأمريكية تجاه بلاده وثالثة الوثائق عن مبارك الفاضل تؤكد حقيقة المحاولة الانقلابية الأخيرة ورابعة عن غازي سليمان تصفه بأنه مصدر غير موثوق فيه وهذه الرابعة تجمعه مع منصور خالد في جلسة واحدة مع القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم وخامسة مع عرمان يقترح فيها الضغط على سلفاكير لحمله على الوحدة لأنها السبيل الوحيد لإزالة حكم الإنقاذ وكذلك يقترح على الأمريكيين قيام تحالف يضم تشاد وإريتريا وحركات دارفور وقطاع الشمال لإزاحة المؤتمر الوطني من حكم السودان. { ألبرتو فرنانديز القائم بالأعمال الأمريكي الأسبق كان أكثر الدبلوماسيين الأمريكيين حراكا داخل المجتمع السوداني واتصالا بالقوى السياسية وما أخشاه القادم من الوثائق وما ستكشفه من تخابر وعمالة يقوم بها بعض بني جلدتنا لصالح المخابرات الأمريكية وإن كان غطاؤها العمل الدبلوماسي ويومها لا يلومن أحد إلا نفسه ولعل هذا يكون مدخلنا لنصح كافة السودانيين الذين لهم اتصالات بالسفارات والعاملين فيها من الأجانب بأن يكونوا حذرين وأذكياء وألا يغيب الوطن ومصالحه عنهم لاسيما أن هذه اللقاءات لا يدخلها رجال المخابرات والدبلوماسيون إلا ومعهم أجهزة ومعدات التسجيل والتصوير وهي في الحقيقة أجهزة صغيرة الحجم لا يمكن أن يفطن لها شخص عادي وكذلك كل المكالمات التي تجمعهم بآخرين يتم تسجيلها ويضاف إلى ذلك أن المخابرات الأمريكية في ظل تعاملها وتعاونها مع الأجهزة الأخرى قد تفضح بعض عملائها وأحيانا تسلمهم إلى بلادهم التي كانوا يتجسسون عليها ولذلك ليس هناك ما يخفي عمالة العملاء والأشخاص الذين يتخابرون على بلادهم إلى الأبد، فهناك لحظة ما يتكشف فيها كل شيء. { الأمريكيون وبالذات في المخابرات ووزارة الخارجية يدوّنون لأي شخص يجتمعون به كافة إفاداته وحتى إيماءاته كما حدث في وثيقتهم التي تتحدث عن لقاء جمع القائم بأعمالهم بغازي سليمان ومنصور خالد وقد كان غازي هو الذي يتحدث ولما كان منصور خالد يومئ برأسه معبرا عن اتفاقه مع ما يقوله غازي كانت أجهزة التصوير تقرأ ما يقوله غازي على سطح وجه منصور خالد - بحسب الوثيقة - وفي ذات الإطار فإن كل جلسة حتى لو كانت تافهة فإنها عندهم تعتبر جلسة رسمية يجمعون منها كل شيء ويرسلونه تقارير ولذلك فإن كل سوداني جالس هؤلاء القوم فلينتظر دوره مع ال(ويكيليكس). { يبدو أن الدبلوماسي المصري أسامة شلتوت كان يتبرع بمعلومات أجهزة بلاده للأمريكيين وهو يتحدث عن معلومات استخبارية مصرية تؤكد حقيقة انقلاب مبارك الفاضل وأن مصر تأكدت من مخابئ الأسلحة التي تحدثت عنها الحكومة السودانية وكذلك تبرع السيد شلتوت بمعلومات بلاده عن ليبيا التي حذرت الخرطوم من هذا الانقلاب وفي الختام قال شلتوت إنهم رفضوا مقابلة عدد من أعضاء حزب مبارك الفاضل طلبوا مقابلته هو والسفير محمد الشاذلي بناء على توجيهات من القاهرة. ما يحيرني حقا هل مثل هذه المعلومات المهمة مجرد ونسة أم هذا تجنيد استخباري (عديل كدا)؟ { أخيرا نثق في هذين الرجلين (أسامة وعلي) لأنهما ببساطة خارج اللعبة السياسية القذرة ونأمل أن يتعامل الناس مع هذه الواقعة بشيء من الحكمة وأن يعتبر الجميع بمن فيهم السياسيون وهم الآن يدركون الطريقة القذرة التي يعمل بها الأمريكيون وإن جمعتهم بالآخرين مناسبات اجتماعية أو قدموا لهم الدعوات لزيارة أمريكا.