«في ما يتعلق» بعمودها ليوم الأربعاء الماضي، كتبت، بالحسرة والأسف والندم الطويل، الزميلة مشاعر عبد الكريم عن حالة «خيبة أمل» وسائل الإعلام التي انتظرت لما يقارب الساعتين مؤتمراً صحافياً «لتجمع أحزاب المعارضة»، ثم لتخرج إليهم السيدة مريم المهدي لتقول لهم كلمة مفيدة واحدة: «لا للحرب»، وتدندن حولها ثم تنصرف، وتتساءل مشاعر: «لا للحرب.. كيف ومتى ولماذا»؟. ولو كنت مكانك - سيدتي مشاعر - لهتفت في موكب السيدة مريم: يا سيدة.. لا.. وفايتانا وين مستعجلا.. والكمبيوتر ما قالو بعرف كل شي.. والمعارضة بعدك كوم رماد.. لا طب لا صيدلا لا اقتصاد ومالو البليد ما خل ست الناس تعيد.. وفايتانا وين مستعجلا.. وقصة هذا التجمع، أختي مشاعر، تصلح لها هتافية: «جوبا وييي»، أو «جوبا مالك عليّ.. جوبا شلتي عيني». كان اسمه «تجمع جوبا» ولما رحلت عنه جوبا تيتم وترمل، وقصة الانتظار الطويلة التي رزحتم تحت وطأة هجيرها هي أن القوم ليس لهم ما يقولونه، فليس بمقدورهم أن يدينوا السيد مالك عقار، وفي المقابل لم تتشكل أدنى مسوغات في أرض الوطاويط والفونج تجعل الحكومة في موقف المعتدي، فعقار سواها ولا يخاف عقباها، فلم يجدوا ما يخرجون به للميديا غير الهتاف: «لا للحرب نعم للسلام». هي حكاية لا تستاهل «عربة أمجاد» من الصحافة إلى أم درمان، ولكنها في المقابل تستاهل رباعية عكير الدامر: ممعوط ما بطير مثلاً قديم وارثنو وسيف الباله ما بقطع قدر ما تسنو أما حكاية خروج عمود «في ما يتعلق» فتصلح لها حكاية خروج غلام بسطام، قيل إن غلاماً قد خرج من بسطام إلى بلاد بعيدة تاركاً وراءه العالم البسطامي الشهير، فلما طرق أبوابها سأله أحدهم: من أين قدمت، قال من بسطام، قال وما الذي أخرجك من بسطام، قال خرجت في طلب العلم يا مولاي، قال إن الذي خرجت لأجله قد تركته وراءك ببسطام. لا أقول صحيفة «الأهرام اليوم»، ولكن فقط إن هذا العمود الذي تحررينه يومياً هو أكثر تأثيراً من تجمعهم، فعلى الأقل أن «اجتماع تجمعهم الأخير» لم يقو على بناء خط ثالث في صحيفة قليلة التوزيع. مخرج.. فالربيع السوداني لا ولن تصنعه هذه الأحزاب القديمة التي تصلح لها ملزمة أخرى من ملازم ومستلزمات عكير الدامر ذاته: ما بتخدر البسقوها بعد النشفة وكت الروح تروح طعن الإبار ما بشفى يا رمز الوفا النادر عريس الكشفة مع المعدودة ما بنفع دواء المستشفى