{ ها هي الحياة تمضي بعجلة لا تعرف الفتور.. وهاهي الأيام تجري وخلفها العمر يركض ويدور، والناس في كل فلك يسبحون.. هاهي الحياة تمضي والقدر فيها يصفعنا كل يوم وخد العمر أعياه الذبول. والكل غافل بل في الغي يعمهون.. أليس الموت هو هادم اللذات؟ أليس الموت آخر المحطات؟!! فكم منا من مات، وكم من بقي سلواه شرفة النسيان فيها يستلقي ويطل على الدنيا يغازلها وتبادله ابتسامة يمسح دمعات الحزن ويبلغ نيران الأسى.. ينسى الناس!!.. يخال له أنه وحده من وقعت الدنيا في حبال حبه فيهديها قلبه والعقل ثملاً يترنح. { هاهو الشاعر المخضرم الجيلي محمد صالح يموت كما تموت الشمس في أحشاء الليل، وهاهو أبونا المربي الجليل يغيب كما يغيب النجم في جوف النهار. وهاهو شاعرنا المرهف تندلق كلماته راسما ًعلى خد الزمان وشماً تمطره الدموع بخريف الفجيعة والوجع نعم إنها الذكرى الطيبة تبقى دائماً وإن مات الجسد وشبع رحيلاً. فبفقدك أطلت علينا ذكرى الحبيبة الوالدة (التاية عوض عثمان) فلأنك مثلها يا صاحب القلب الحنين والحرف النبيل. { من منا ينسى الجيلي محمد صالح الذي كتب لمعظم المطربين الكبار على رأسهم عثمان حسين الذي غنى له (كفاية وأنا عايش براي).. ومحمد وردي بأغنية (الحبيب قلبه طيب) وتوبة في عام 1956م ثم توالت مسيرته مع العاقب محمد حسن في أغنية (تظلمني ليه) وصلاح مصطفى في أغنية (يوم ورا يوم ، وخصام العيد). ثم التجاني مختار في أغنية (شاكي وباكي) و(نوارة الوادي) والفنان صلاح بن البادية في (يا فايت ومتناسينا) ومحمد حسنين في (حكاية غريبة تنسى المودة) والفنان حمد الريح في (من غير وداع) وللفنان صلاح مصطفى (الليالي) و(علمتني أهواك) ثم الفنان د. عثمان مصطفى في (ماضي الذكريات). رحت في حالك نسيتني واعتبرت الماضي فات لما انت خلاص جفيتني ليه بتحكي الذكريات لقد كانت لي مع الراحل العزيز ذكريات ومواقف لا تُنسى على مدى الأيام حيث أجريت معه العديد من الحوارات المميزة كنت أحرص على التزوُّد بنصائحه وملاحظاته الفنية الغالية. وللراحل عدة دواوين لم تر النور بعد وأنا أدعو وزارة الثقافة بإكمال مسيرة الراحل الفنية بطبع جميع دواوينه وأعماله حتى يستفيد منها محبوه وينهل منها جيل اليوم. الآن مضى أستاذ الأجيال والشاعر المطبوع اللامع الجيلي محمد صالح إلى رحاب الله وهو الذي كان بيننا مثل شجرة الصندل تعطِّر فأس قاطعها والعزاء موصول لكل قبيلة الشعراء قديما ًوحديثاً، والأمل أن تتضافر جهود الزملاء في اتحاد شعراء الأغنية الذين عاصروه والأجيال اللاحقة لأجل إقامة تأبين يؤكد مدى عظمة هذا الإنسان ولا نقول إلا ما يرضي الله.. إنا لله وإنا إليه راجعون