{ وها هي (قناة الخرطوم الفضائية) تحاول أن تفرض نفسها على واقع الأثير السوداني بكل زخمه وتنوعه، وربما لذلك نجدها تسعى فى التأسيس لنوع مختلف من أنواع الرسائل الإعلامية المرئية، ولا زلت من الذين يراهنون على قوميتها؛ كوني قد وقفت عن كثب على العديد من تفاصيلها وسياساتها ومبادراتها فى اتجاه التميز.. بدءاً بالمضمون وانتهاءً بنوعية (التياب) البسيطة الأنيقة المفروضة على مذيعاتها، بعيداً عن (البهرجة) والتكليف ليكون عامل الإبهار الوحيد هو إبهار الفكرة والسيناريو البرامجي وأسلوب الأداء. { وبالجلوس إلى الأستاذ (عابد سيد أحمد) ستكتشف أن للرجل آمالاً عراضاً معلقة بهذه الفضائية المتوثبة، قد لا يألو جهداً فى سبيل إنزالها إلى واقعنا التلفزيونى...وحتى في ما يتعلق بخطط الإدارة فإنه يسعى لتوفيق أعضاء كل الطاقم الفني من العاملين بالقناة بما يرضى طموحاتهم الشخصية ويوفر لهم حياة كريمة، لا سيما وأنهم قبضوا طويلا على جمر البدايات المتعثرة بصبر نبيل، محاولاً أن يجعل منهم أسرة واحدة متحدة يقوم العمل فيها على أساس التحفيز والثناء، خلاف ما نعانيه فى كل مجالات الإعلام، إذ إن العادة درجت على ألا يحتفي الكبار بإنجازاتنا بقدر ما يتصيدون إخفاقاتنا. { وبهذا نجد فى جعبة (قناة الخرطوم) العديد من المبادرات الحميدة منذ انطلاقها، إذ فاجأتنا بمبادرة الصلح التاريخية بين العملاقين (محمد الأمين) و(هاشم صديق) بعد أكثر من عقد من السنوات الضبابية لنعود من جديد لنهمس بالأشواق بعد سنوات من الصمت فى عيدية رائعة احتفت بها أسرة القناة بطريقتها الخاصة فى احتفال تكريمي بهيج حضره (الباشكاتب) شخصيا.. كما أسعدنى جداً أن تنجح القناة فى إقناع الإذاعي الأريب صاحب الصوت المميز والأداء الرفيع والهيبة والوقار (محمد طاهر) بالجلوس على مقعد المحاور ليكشف لنا المستور بهدوئه المعتاد ومهنيته العالية وأسلوبه المهذب وتاريخه الاحترافى الطويل. { أما المبادرة الأخيرة والتى قدر لي أن أقف شاهداً عليها، فجاءت عبر الحلقة الأولى من برنامج (10÷10) الذى يعده ويقدمه (المايسترو) زهير بانقا والذي تم تسجيله بحدائق فندق (كورال) وفي وجود كل من سعادة الفريق (عبد القادر يوسف)، مستشار مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني والشاب القيادي الهمام (أبو هريرة حسين) والأستاذ الكبير (إسحق الحلنقي) والمطربة المتألقة (شموس) وآخرين. ليدور الحديث أولاً حول (مبادرة العلم) الوطنية المؤثرة والتي اقترحها الفريق (محمد عطا) مدير الجهاز، بحيث يتزامن أوان نزول علم السودان بعد إعلان الانفصال الرسمي بالجنوب مع ارتفاع ملايين الأعلام هنا فى الشمال، والتي وقفت عليها اللجنة الغيورة المكونة من المذكورين أعلاه إلى جانب العديد من الفنانين المتطوعين حتى حققت أهدافها العظيمة كما يجب. ومن هذا المنطلق قاد الربان الماهر (زهير بانقا) سفينة اللقاء بكل سلاسة وعذوبة حتى وصل إلى مرفأ (العندليب الأسمر) فى فراشه الأبيض وهو يعارك المرض ببسالة وصبر ليطرح المايسترو على ضيوفه مبادرة الحفل الخيري الكبير الذى تبناه فوراً سعادة الفريق (عبدالقادر) والمفترض قيامه بمسرح القناة فى برنامج جماهيري فخيم (ليلة السبت) ليكون ريعه المادي لصالح علاج الأستاذ (زيدان إبراهيم) الذي زرع المحبة لسنوات في ربوع هذا الوطن وآن له أن يحصد بعض العشم الأخضر بعيداً عن كل العذاب والألم. ونحن بدورنا ندعم هذه المبادرة الإنسانية الطيبة تأكيداً على الخير الكبير فى أمتنا الأصيلة المتعاضدة هذه. { وبهذا يتأكد لنا بعد النظر الإيجابي الذي يتمتع به القائمون على أمر (قناة الخرطوم الفضائية)، إذ وفقوا فى اختيار طاقم العمل من أولئك المثابرين الذين رأيتهم بأم عيني وهم يمضون الساعات الطوال فى التحضير لإخراج البرنامج فى صورة مرضية قد لا يعلم المشاهد حجم الجهد المبذول حتى بلوغها ومدى المعاناة التى تواجه هؤلاء المبدعين، وعلى رأسهم الأستاذ (عابد) الذي شكل حضوراً متواضعا يومها وصرح لنا بالعديد من المفاجآت والأنباء السارة، معرباً عن امتنانه الشخصي للمايسترو (زهير) الذى يقوم بممارسة عمله بتميز إلى جانب براعته فى توظيف علاقاته العامة والشخصية لصالح العمل لتأتي المحصلة الأخيرة لهذا البرنامج الواعد بنتيجة (10 ÷10) فى الخارطة البرامجية بإذن الله كبرنامج دسم جدير بالمشاهدة. { تلويح: (عندليبنا الأسمر).. ليكن تقديرنا لذلك (الدرب المشيتو عشانا) سبباً فى أن (تكون فرحان) يوم يكون كل هؤلاء الأنقياء (جنبك).. أتم الله عافيتك وأعادك إلى سماء الإبداع بكامل جمالك.