{ نفتح الباب لخبراء وأساتذة في علم الاقتصاد للتداول وتشخيص أزمتنا الاقتصادية. في ما يلي يكتب الدكتور «حامد الأمين» مدير شركة (الرواد) في هذه المساحة: { تعلمنا ونحن نتلمس خطانا في كلية الاقتصاد.. من د. بشير عمر ود. أحمد صفي الدين ود. محمد هاشم عوض ود. بدر الدين إبراهيم ود. عبد الله الشريف الغول ود. مصطفى زكريا وقبلهم من عشرات المراجع التقليدية.. تعلمنا أن الاقتصاد الكلي لأي بلد يعتمد على جناحي السياسة المالية (Fiscal Policy) والسياسة النقدية (Monetary Policy). - الهدف العام المنشود هو الاستقرار الاقتصادي وزيادة معدلات النمو. - والسياسة المالية تعني تحديد أوجه الدخل والصرف، أي من أين تغذي الخزينة العامة وأين تصرف أموال هذه الخزينة. وتقع مسؤولية وضع وتنفيذ السياسة المالية - لأيٍّ يكن - على وزارة المالية وما يتبعها من المصالح الحكومية المعنية بمصادر الدخل وأوجه الصرف. - أما السياسة النقدية فهي مسؤولية البنوك المركزية، وهي تُعنى بزيادة أو تخفيض عرض النقود (كمية النقود المتداولة) وذلك لزيادة أو تخفيض الطلب الكلي على السلع والخدمات. - وترتبط السياسة النقدية بسياسة سعر الصرف، أي قيمة العملة المحلية مقابل العملة الأجنبية، والعملات الأجنبية تدخل البلاد عبر الصادرات وتخرج منها عبر الاستيراد. - الخلاصة أن للاقتصاد سياسات وأدوات وأجهزة يجب أن تعمل بتناغم حتى تحقق الأهداف المنشودة. - دعونا من عمليات التجميل الاقتصادية والحلول المؤقتة، فالشعب السوداني الذي صبر، والذي لم ينفجر إبان الاستفتاء والانتخابات، يستطيع أن يصبر على أي سياسة اقتصادية تحتاج لوقت حتى تؤتي أكلها. - الأسعار لا تنخفض بالاستيراد.. لأن الطلب كبير ومستمر، واحتياطي النقد الأجنبي لن يتحمل الاستيراد بالسعر الرسمي إلى الأبد!! - الإنتاج، والإنتاج فقط، هو الذي سيخفض الأسعار.. والمعادلة بسيطة.. اسألوا أي منتج في أي قطاع زراعي.. أو صناعي. خفضوا تكاليف الإنتاج لموسم واحد أو لوردية واحدة لأي مصنع.. واحسبوا السعر الجديد للمنتج النهائي!! - وأقدّر أن إدخال الكهرباء الآن للمشاريع الزراعية حول الخرطوم ستخفض تكاليف الإنتاج بما لا يقل عن 30% مقارنة بالتكاليف التي تتضمن الجازولين. - ارفعوا الجمارك فوراً عن كل مدخلات الإنتاج الزراعي والحيواني ولو لمدة (5) أشهر، وبعد أن (يبحبح) الجميع فكروا في ضريبة أرباح أعمال معقولة!! - البنك المركزي غير مسؤول عن توفير الدولار، والدولار يأتي من مصادر كثيرة أهمها التصدير، والتصدير يأتي بالإنتاج. - اعتذرت السعودية عن الهدي السوداني هذا العام، لارتفاع سعر الضأن السوداني. ألم أقل لكم إن تكاليفنا عالية! - وأعلم أن عدداً من المحاصيل السودانية كذلك قد خرجت من السوق العالمي لذات السبب.. الأسعار العالية للمنتجات السودانية. - لا نريد سياسة «رزق اليوم باليوم».. أي نجمع الضرائب والجمارك لكي نصرف المرتبات!! - سياسات «تشجيع الإنتاج» تحتاج إلى دعم سياسي قوي وإدارة قومية شاملة.. تتكسر أمامها الحصون المنيعة من الروتين والبيروقراطية وأمراض الخدمة المدنية. - دعونا نشجع الإنتاج المحلي وسيرتفع دخل الفرد وتتضاعف المرتبات عشرات المرات بإذن الواحد الأحد. - السادة الكرام: أعلنوا فوراً عن حزمة من سياسات تشجيع الإنتاج.. وبالمناسبة سئمت - كغيري - من عبارة «تشجيع الاستثمار».. هذه الديباجة المموجة.. الجوفاء. - نعم، شجعوا المنتجين بما لديكم من سلطات وصلاحيات، وليتم التنسيق بين الجهات ذات العلاقة لتنفيذ هذه السياسات. - سمعت ذات مرة أن جهة ما قررت إلغاء أو تخفيض ما يليها من رسوم بدعوى أن لديها مشاريع وتريد تحقيق الربط..!! نظرة ذاتية ومجد مزيف لكل من ينجز خصماً على المصلحة العامة.. ما فائدة افتتاح مشروعك بصحبة السيد الرئيس أو السيد النائب الأول إذا كان يخدم وزارتك ويحفّز العاملين معك شخصياً. - ما فائدة البلاد من الحصول على قرض كبير جداً لمصلحة منطقة أو قبيلة أو جهة.. إذا لم تتدفق عوائد هذا التمويل لكل الوطن؟! - والغريب أن بعضاً من هذه من المشاريع وهذه الفئة من القروض تفشل دائماً، إذ تعاني من غياب المؤسسية أحياناً وإشراك ذوي العلاقة في كثير من الأحيان. - خلاصة قولنا إننا نحتاج لقرارات قوية جداً مثل البيانات العسكرية «لصالح الإنتاج» وتشجيع الإنتاج خاصة الزراعي والحيواني، وما أدعو إليه ليس بألغاز أو توصيات مبهمة، ارفعوا العبء عن المنتجين، وحركوا عشرات الأراضي الزراعية التي عفى على شهادات بحثها الزمن، وبدلاً من نزع الأراضي غير المستغلة، عالجوا أسباب عدم استغلالها، وبدلاً من محاربة أصحاب المواشي، وفروا لهم أسباب إنتاج الأعلاف والأدوية والأمصال وسهلوا لهم إجراءات التسويق والتوزيع، وسنرى جميعاً النتيجة الحتمية انخفاضاً في الأسعار وخلقاً لفرص العمل وزيادة في احتياطي النقد الأجنبي وقوة ما بعدها قوة لعملتنا الوطنية مقابل العملات. والله الموفق. د. حامد الأمين أحمد