{ من سوء حظ ثورة أكتوبر 1964م التي أطاحت بحكم الفريق عبود واستعادت النظام الديمقراطي أنه سبقها إلى الوجود ثورة حملت نفس الاسم وكانت أهم وأكثر تأثيراً وهي ثورة أكتوبر الروسية التي أوصلت الشيوعيين بفيادة لينين وزملائه إلى الحكم في عام 1917م وكانت هذه الثورة منطلقاً لمولد الاتحاد السوفيتي عام 1922م الذي أصبح خاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م القوة العظمى الثانية في العالم بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية. { ومن سوء حظ ثورة أكتوبر 1945م أيضاً أن الانتصار العسكري الوحيد أو الأداء العسكري الوحيد الممتاز الذي حققه العرب في العصر الحديث تم أيضاً في أكتوير 1973م ولذلك وعلى المستوى العالمي فإن مصطلح ثورة أكتوبر خلال فترة الحرب الباردة التي امتدت من عام 45م إلى عام 1991م كان ينسحب وينطبق ويذكر الناس أكثر بالثورة الشيوعية التي قادها في روسيا عام 1917م لينين وزملاؤه من أمثال تروتسكي وكامينيف وستالين وإلخ.. ثم أصبح ارتباط شهر أكتوبر بالحرب العربية الإسرائيلية التي نشبت خلاله عام 1973م أقوى في الإعلام العربي والدولي من ارتباطه بالثورة التي حدثت في السودان عام 1964م. وكان أيضاً من سوء حظ ثورة أكتوبر 64 السودانية كما قالوا أن الفضائيات لم تكن قد ظهرت بعد للوجود ولو أنها كانت موجودة لكان الاحتفاء بها مماثلاً للاحتفاء العربي والعالمي بما حدث في تونس وهروب الرئيس بن علي وبما حدث في مصر يناير وفبراير الماضيين والإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك. { وكان من سوء حظها أيضاً أن الانقلابات العسكرية في ذلك الوقت من عام 1964م تاريخ الإطاحة بنظام نوفمبر 1958م العسكري لم تكن صلاحيتها قد انتهت بعد ولذلك فإنه بعد بضعة أعوام من انتصارها تم تنفيذ انقلاب عسكري جديد في 25 مايو 1969م ونشأ نظام آخر حكم البلد حتى أبريل 1985م ثم بعد أربعة أعوام من ذلك التاريخ حدث انقلاب عسكري أيضاً وما زال النظام الذي أنجبه ذلك الانقلاب هو الذي يحكم البلد. { ورغم ذلك ما زال السودانيون يهيمون إعجاباً بتلك الثورة؛ ثورة أكتوبر 64 التي تمر ذكراها السابعة والأربعون بعد يومين. { إن فكرة الانقلاب العسكري التي رفضتها ثورة أكتوبر 64 ما زالت حقيقة ماثلة على الأرض السودانية وعلى بعض الدول العربية والأفريفية وإذن فإن الثورة السودانية التي حجمت شهرتها ثورة أكتوبر الروسية الشيوعية وحرب أكتوبر 73 العربية الإسرائيلية لم تحقق بعد أهم أهدافها لكنها تبقى علامة جميلة وملمحاً آسراً جليلاً من علامات وملامح تاريخنا الحديث ولقد يرضي كبرياءنا واعتدادتنا المسرفة بالسودان وأيامه أنها كانت أولى مقدمات الربيع العربي رغم طول المسافة الزمنية بينهما.