} في إحدى الصحف الاجتماعية في الأسبوع الفائت طالعت خبرا مكررا قرأته على صفحات الإنترنت قبل عامين ولغرابة الخبر فإن تكرار نشره ولو بعد حين لا ينقص من الإثارة التي سعت لها الصحيفة والتي تكمن في موافقة (أم) على نقل رحمها إلى ابنتها حتى تتمكن من الإنجاب بعد إجراء عملية الإخصاب بين الابنة وزوجها خارج الرحم ومن ثم زرعها في رحم الأم ليكمل جنين الابنة نموه في رحم جدته حتى موعد ولادته بمعنى أن تلد الأم لابنتها جنينها. } و قد كثر الحديث في مثل هذه المسائل والناس يستقبلون أفكارا مخيفة وغريبة وخطيرة وباتت الأرحام تستأجر وبالذات من قبل فاتنات الجمال اللاتي يخشين على جمالهن من رهق الحمل والولادة ولذلك يلجأن إلى استئجار أرحام بعد إجراء عملية الاخصاب بين المرأة المستأجرة وزوجها خارج رحمها وبعد وصول الجنين لمرحلة معينة في الوسط الخارجي يعاد زراعته في رحم المرأة المؤجرة وتصبح المرأة الأولى هي التي أمدته بمادته الوراثية والمرأة الثانية (المؤجرة) هي التي أمدته بلحمه وشحمه. } وعلى هذا المنوال الخطير الذي أفرزته التكنولوجيا الوراثية يمكن لأي امرأة زوجها عقيم أن تخصب بويضتها بحيوان منوي لرجل آخر والعكس يحدث في حال الزوج إن كانت زوجته عقيمة وهذا ما يفتح الباب للتساؤل عن القيم الأخلاقية التي يمكن أن تضبط هذا التطور المتسارع لهذه التقنية الدقيقة وهذا ما يجعلنا نتحوف من اقتراب البشرية للإنسان متعدد الأنساب وعندها نتساءل عن مصير الأمومة والأبوة وقد صارت المرأة في الغرب تنجب لها امرأة أخرى جنينا لها يحمل صفاتها الوراثية وصفات أبيه ولكنها لم تحمل به ولم تلده. } شهد العام 1926 في مدينة (زاجيكار) بصربيا زراعة أول (خصية) في تاريخ البشرية بواسطة جراح روسي كان المستفيد من هذه الزراعة طبيب مسن، وفي العام 2008م ولادة أول طفل من مبيض مزروع، وهاتان العمليتان تثيران جدلا واسعا في الأوساط العلمية للإجابة على سؤال مهم وخطير جدا وهو في حالة زراعة الخصية هل الطفل المولود بعد عملية الزراعة هو ابن صاحب الخصية (المتبرع) أم ابن المتبرع له؟ وفي حالة زراعة المبيض هل الطفل المولود هو ابن المرأة المتبرعة بالمبيض أم ابن المرأة المتبرع لها؟ وهناك صورة ثانية للاخصاب يمكن أن تحدث للرجل والمرأة ولو بعد عشرات السنوات من موت أحدهما وذلك في حال الاحتفاظ بالحيوان المنوي والبويضات في بنوك تستقبل هذه العينات ولك أن تتخيل امرأة تنجب من زوجها الذي توفي قبل خمسة أو عشرة أعوام. { التكنولوجيا الوراثية تعمل في مشروعات كثيرة وخطيرة، ومنها على سبيل المثال (زراعة الأجنة) وفيها يقسم الجنين في مراحل نموه الأولي بتقنية دقيقة ويعاد زراعة هذه الأجزاء مرة أخرى بين ثنايا الرحم لتنتج عددا أكبر من المواليد وهذه التقنية تستخدم في جانب الحيوانات التي يستفيد منها الإنسان وكذلك هناك ما يعرف ب (بنوك الأمشاج) وهذه التقنية تمكن من الاحتفاظ بأمشاج الحيوانات لعشرين سنة وكذلك هناك عمليات (التحويل الجنسي) من ذكر إلى أنثى والعكس وذلك عبر ضخ الهرمون الأنثوي المخلق صناعيا لمن يريد أن يتحول من ذكر إلى أنثى والعكس يحدث كذلك. } في حديث سابق جمعني بأفراد من عائلتنا الكبيرة عن موضوع استئجار الأرحام فقامت إحدى المشاركات في النقاش بنقل الحديث إلى امرأة أخرى من معارفنا فما كان منها إلا واتصلت بزوجتي تطلب منها أن أرشدها إلى مكان استئجار الأرحام وهي تضحك وقد اندهشت من هذا الطلب فما كان من زوجتي إلا وأخطرتني بأن (الزولة دي) معروفة بالضحك والتنكيت. } عموما الفقه الإسلامي يواكب كل هذه المفزعات بتبصرة الأمة الإسلامية فتجده يحرّم الحرام منها ويحلل الحلال وقد صدرت فتوى في هذا الأمر منذ أكتوبر 1990م عن مجمع الفقه الإسلامي والمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وهي تحلل زراعة الأعضاء وتحرم ما من شأنه حمل وإفراز الصفات الوراثية والعورات المغلظة وحتى زراعة الأعضاء الأخرى مثل القلب والكلى وغيرها فإن الفقه الإسلامي يلزمها ببعض التدابير والقيم الأخلاقية، وهذا ما يجب أن ينتبه له كل إنسان قبل أن يتجه لبيع أو تبرع أو حتى زراعة لنفسه أو لمن هم تحت إمرته حتى لا نترك الأمر بيد التكنولوجيا الغربية المدمرة في كثير من جوانبها وما نطرحه هنا هو ما يمضي فيه هؤلاء.