تلقيت رسالة من السيد إبراهيم عثمان أبوخليل الناطق الرسمي لحزب التحرير فى ولاية السودان رداً وتعليقاً على جملة وردت فى هذا العمود من أيام وكان العنوان أي عنوان العمود هو ذكرى حدثين مهمين وكان الحدث الأول هو العدوان الثلاثي الذي شنته على مصر كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في 29 أكتوبر 1956م والحدث الثاني هو إلغاء الخلافة الذي تم في نفس اليوم من عام 1923م والجملة المشار إليها هي (وليس هناك الآن حزب سياسي جماهيري يطالب بعودة الخلافة). وفي البداية نشكر حزب التحرير وناطقه الرسمي على الاهتمام ومتابعة ما يكتب في الصحف والتعليق عليه وحزب التحرير هو أكثر الأحزاب نشاطاً في هذا المجال، وبالحزب الجماهيري فإننا نقصد الحزب الذى له شعبية واضحة وتتضح هذه الشعبية أكثر ما تتضح عند الانتخابات العامة التي تجري في ظل النظم الديمقراطية ومن هذه الأحزاب مثلا المحافظون والعمال فى بريطانيا والحزبان الديمقراطي والجمهوري في الولاياتالمتحدةالأمريكية وحزب الوفد في مصر قبل ثورة يوليو 1952م وأحزاب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية القومية قبل 30 يونيو 1989م. ولا نذكر أن حزب التحرير في ولاية السودان وهو الاسم الذى يطلقونه على جمهورية السودان أو في غيرها من ولايات العالم الإسلامى الممتد من جاكرتا شرقاً إلى طنجة غرباً قد حصل على نسبة معتبرة من المقاعد والأصوات فى أية انتخابات خاضها وربما أنه لم يخض أصلاً أية انتخابات رغم أنه ظل يمارس السياسة منذ خمسينات القرن الماضى. ويدعو هذا الحزب لاستعادة الخلافة الإسلامية التى ألغاها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923م وهي دعوة مشروعة لكنها تبدو بعيدة المنال والأسباب كثيرة كما قلنا ومنها أن الدولة القطرية تجذرت وترسخت مما يشكل عائقاً صلباً يحول دون ذوبانها فى كيان أكبر هو الخلافة والجدل حول نظام الحكم فى الإسلام طويل والآن يرى كثيرون أن الديمقراطية التي من آلياتها الانتخابات لا تتعارض مع جوهر الإسلام ثم إنه لم تكن هناك طريقة محددة ثابتة للوصول إلى الحكم حتى في الخلافة الراشدة. فالطريقة التي وصل بها إلى الخلافة أو الحكم الخليفة الأول سيدنا أبوبكر الصديق تختلف عن تلك التى وصل بها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عن تلك التي وصل بها الخليفة الثالث عثمان بن عفان عن تلك التي وصل بها الخليفة الرابع علي بن أبي طالب. وبعد ذلك تحولت الخلافة إلى ملك وراثي استهله معاوية بن أبي سفيان ثم ابنه يزيد ثم معاوية الثاني لفترة قصيرة لتنتقل الخلافة إلى مروان بن الحكم وذريته. ثم سقطت الخلافة الأموية وحلت مكانها الخلافة العباسية التى سقطت وكانت الخلافة العثمانية هي خاتمة المطاف. إن عودة الخلافة مع كامل التقدير لمن ينادون بها خيال وكثير من الأفكار السياسية التى تحققت كانت خيالاً لكننا نرى الخيال المرتبط بعودة الخلافة خيالاً مسرفاً إلى درجة العجز عن تصور استحالته إلى واقع.