في كتابه (50 عاماً في قطار الصحافة) وفي صفحة 547 قال الصحفي المصرى الكبير موسى صبرى ما يلي: «لقد ربطني بالسودان ثلاثة أشخاص منذ عام 1939م حين دخلت كلية الحقوق وكان معنا طلبة يشاركون في حركاتنا الوطنية ومظاهراتنا ويرفعون بإخلاص شعار وحدة وادي النيل ومن هؤلاء عرفت - وتوأم عمرى عبدالرحمن الشرقاوي- ما هو السودان والثلاثة هم الدكتور عقيل أحمد عقيل وهو زميل دفعة 1943م وقد وصل إلى منصب نائب وزير الخارجية ورشح في إحدى الأزمات رئيساً لحكومة السودان وانتخب نقيباً للمحامين واشتغل بالمحاماة حتى وفاته . والثاني هو الدكتور أحمد السيد حمد وقد تخرج بعدنا بعامين وهو من ألمع نجوم السياسة في السودان وكان وزيراً أكثر من مرة وهو من المستميتين في بناء وحدة مصر والسودان والثالث هو أحمد الطيب عبدون وقد تولى الوزارة وقتاً قصيراً مع الرئيس جعفر نميري وعمل ممثلاً للسودان في بعض الهيئات الدولية وتوفي منذ أعوام قليلة» . ويسترسل موسى صبرى قائلاً: «وعرفت منهم أنهم أصحاب عقيدة ومبدأ وأن الصداقة في علاقاتهم بالغير جوهر أصيل، كما أنهم يحملون مشاعر إنسانية رقيقة ومنهم تصورت أن الشعب السوداني شعب مسالم وأنه يكره العنف والدم» . ثم يواصل قائلاً: «لكن أحداث السودان التي عايشتها كشفت لي صور عنف ودم ولعل أبرزها ما حدث في الانقلاب الشيوعي العسكري الذي وقع لإسقاط جعفر نميري في يوليو 71م، لقد قتل ضابط من قوة الانقلاب ثلاثين ضابطاً أجهز عليهم في نصف ساعة وقد تعقب واحداً منهم كان في دورة المياه وقتله وهذا ما أحار في تفسيره حتى الآن عن طبيعة الشعب السوداني فهو في تعامله رقيق وعاطفي وكيس ومجامل» . ونكتفي بهذا القدر من كتاب الصحفي موسى صبري الذي كان أحد نجوم الصحافة المصرية خلال معظم سنوات النصف الثاني من القرن الماضي وقد توفي في التسعينات وقد أثرى المكتبة العربية بكثير من الكتب، من أشهرها وأهمها (السادات الحقيقة والأسطورة) ووثائق حرب أكتوبر ووثائق 15 مايو وهو اليوم الذي أزاح فيه السادات من الحكم بعض كبار الناصريين من أمثال لبيب شقير وسامي شرف والفريق محمد فوزي وشعراوي جمعة وضياء الدين داؤود وإلخ وسوف نعود لهذا الكتاب القيّم مراراً ومراراً، مع التركيز على ما كتبه الأستاذ الراحل موسى صبري عن السودان والسودانيين وعلى العلاقة الحميمة الخاصة التي جمعته منذ شبابه الباكر بالرئيس السادات وقد كان موسى صبري دواماً من أقرب الصحفيين المقربين من السادات.