دائماً ما يقع اللوم على المرأة العاملة في مسألة تركها بيتها وأسرتها وقضاء أوقات أطول في مكان عملها، مما يقلِّل من اهتمامها بالبيت أكثر منه لصالح العمل، ويتهمها الكثيرون بالتقصير في توفيقها بين الاثنين. وعلى خلفية دراسة حديثة صدرت مؤخراً في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية في (لاس فيجاس) للعام الحالي أشارت إلى أن المتزوجات من العاملات أكثر عُرضة للإحباط والإخفاق، كما أوضحت أنهن لا يحصلن على قدر من السعادة التي تجدها أمهات اقتنعن بأن الحصول على كل شيء أمر غير ممكن ومكثن بالبيوت لإدارة شؤونها فقط. ناقشنا أبعاد هذا الأمر الشائك مع فئة من الإعلاميات اللائي يَسبَحن في عمل عميق مضنٍ ودقيق، فماذا قُلن في مسألة التوفيق، وآرائهن حول الدراسة؟: الشريك له دور في نجاح المرأة: تقول الإعلامية «نسرين النمر» وهي مُعدة ومقدمة برامج بقناة النيل الأزرق، إن الزمن الآن عكس الماضي. حيث أضحى عمل المرأة ضرورة لابد منها، كما لم تعُد المرأة (ست بيت) بالفكرة التقليدية، بل كل الأشياء أصبحت متطورة. فيمكن أن يُسهم ذلك في أن تكون المرأة بالشكل الحديث وتستطيع أن تُدير عملها الذي تحبه بجودة. وأشارت إلى القناعة بالعمل ودور الشريك الذي يدفع بنجاح المرأة لتكون ناجحة في بيتها وعملها، بحيث يكون إيجابياً ومتفهماً. وعن السعادة ترى نسرين القابعات بالبيوت هن أكثر تعاسة بواقع أنهن دائماً ما يشغلن أنفسهن بأفكار تجاه الرجل دون غيره، وتتراكم لديهن هواجس الرجل أين ذهب وأين الآن ومع من وهكذا.. وأبانت أن برنامج يومهن طويل جداً عكس العاملات اللائي بإمكانهن أن يُسهمن في كثير من الأشياء الضرورية في الحياة. وتضيف من الطبيعي أن يكون لدى الآنسة عملاً. وقالت إن العمل الإعلامي بطبعه مرهق وأن التي ليس لديها المقدرة على الأداء ولم تستطع أن تُدير بيتها وعملها الرسالي فهذا سينعكس عليها سلبياً وعلى بيتها، وعليها أن تترك العمل إذا لم تستطع أن تدير حياتها اليومية بشكل صحيح. زوجي متفهم.. لكن أشعر بالضيق: وتوضح الإعلامية تهاني جبريل الريح، (محررة ومعدة برامج بالإذاعة القومية)، أنها اختارت الوظيفة عن موهبة واستعداد ورغبة عارمة، وتجتهد لأقصى حد في أداء عملها على حساب صحتها وبيتها خاصة وأن طبيعة عملها ممتع ولارتباطها بالجمهور، وتضيف أن زوجها متفهم جداً لعملها في المجال الإعلامي حيث أنها يصادف أن تأتي منتصف الليل أو بعده ودائماً ما تسافر خارج وداخل السودان. وأبانت أن ظروف عملها الإعلامي سبب رئيس في توليد معاناة تشعر عندها بالضيق خاصة الإلتزامات الاجتماعاية والتواصل مع الأسرة والجيران والأهل، لكنها عادت وأوضحت أن العمل الإعلامي مرتبط بالزمن كالأخبار فلا يمكن تترك مبكراً والذهاب إلى البيت، إضافة لارتباطه أيضاً بالجانب الإبداعي والرؤى الفنية. «فلا يمكن أن أترك شغلي لزميل وأذهب»! وتضيف أن العمل سبب أساسي في عدم التواصل الاجتماعي بشكل طبيعي خاصة أن الإعلامي عمله متواصل. وقالت أجد نفسي مقصرة في هذا الجانب وليس بيتي لأن الجميع قد لا يتفهمون ظروفك، وأجد أن تفهُّم زوجي يشعرني بالسعادة والرضاء ويقلِّل من حدة إحساسي بالذنب والتقصير في البيت لصالح عملي. إذا لم تستطع فلتبقى في البيت: وتقول «حفية الياس» وهي صحافية تعمل بصحيفة (سودان فيشن) إنها بدأت عملها الصحافي منذ تخرُّجها في الجامعة عام 1999م مع معاناة ومتعة في دروب العمل الصحافي الدؤوب، وترى الفرق قبل وبعد الزواج في أنها قبل الزواج كانت تجد مساحة من الحرية لصالح العمل وكانت تأتي إلى البيت متأخرة وأحياناً تجد أسرتها في نوم عميق وأغلقت الأبواب فتأتي (عادي) وذلك نسبة للذهاب مع الصحيفة إلى المطبعة والوقوف عليها حتى تخرج وذلك قبل التطور الذي لازم المطابع وأصبح الأمر أسهل عبر وسائل التكنولوجيا والاتصال. أما الآن فتبين أن الوضع اختلف بعد زواجها وأن شريكها متفهم جداً لطبيعة عملها الإعلامي وظروفه الطارئة، ولكنها رغم ذلك تكون حريصة أن ترجع بيتها مبكراً قبل وصوله لكي تستعد تجاه التزاماتها. وأكدت على أن حب العمل والبيت معاً يقود إلى التوفيق بينهما. وقالت أوصي أي امرأة متزوجة بأنها تسعى إليه وألا تعمل لشيء على حساب الآخر. وإذا لم تستطع فعليها البقاء في بيتها لتديره بتنظيم ودون أي ضغوط واحتجاجات. فالعمل الإعلامي يحتاج لصبر ويتطلَّب اجتهاد أكثر. الحساسية لحب العمل الإعلامي عالية: من جهتها تقول الكاتبة الصحافية أمينة الفضل إن البعض يعرف أن المرأة العاملة هي أكثر تنظيماً لوقتها دون ربة البيت التي تعتمد على اليوم الطويل. أما الإعلاميات والعاملات في المجال الإعلامي، نجد عندهن درجة الحساسية عالية لطبيعة عملهن الذي يتطلب التحسين والتجويد، وهي بذلك تكون سعيدة لأنها تنظر لخدمة المجتمع ورسالتها نحوه. وترى أنها إذا نظَّمت وقتها تكون مسيطرة على الأحوال داخل البيت وخارجه. ودعت لأن تكون المرأة منظمة للتوفيق بين بيتها وعملها. علينا أن نكون قدوة للمجتمع: وتشير هالة محمد عثمان، (مذيعة معدة برامج بالتلفزيون القومي) إلى أنه بإمكانها إدارة وقتها ما بين العمل والبيت رغم أن لديها طفلين لايزالان في مرحلة الروضة والحضانة وتستطيع أن توفق ما بين عملها الإعلامي وبيتها والعمل العام، وتعتبر هالة أن الإعلاميات هن واجهات للمجتمع فلابد أن يكنَّ منظمات في بيوتهن، وأن لا يعطين الغير إحساس أنهن يلهثن وراء العمل فقط دون المحافظة على البيت، الذي رعايته ضرورية كما العمل والمظهر. والحديث عن الشخص في المنابر العامة يترك أثراً سلبياً على سمعته وسط الجمهور.